أسماء أخرى للأوطان
خيري منصور
سئلت ذات يوم عاملة في أحد مطاعم عاصمة عربية عن جنسيتها، فصمتت قليلاً ثم أجابت إنها من بلد رسول حمزاتوف، ولم تقل إنها داغستانية، وحين ذهب صحفي عربي معروف إلى قبرص لإجراء حوار مع الشاعر يانيس ريتسوس، قال لسائق التاكسي إنه يريد الذهاب إلى روضة أطفال وذكر له اسمها، وعندما وصل السائق قال للصحفي هذه روضة الأطفال التي تريدها عندئذ قال له الصحفي أريد منزلاً يقع بجوارها هو منزل الشاعر ريتسوس، فغضب سائق التاكسي وقال للصحفي، نحن نحدد عنوان روضة الأطفال بأنها تقع بالقرب من منزل ريتسوس وليس العكس..!
وإذا كانت العاملة الداغستانية والسائق اليوناني من الناس العاديين الذين لا يعرفون ما يعرفه المتخصصون فهناك أمثلة أكثر طرافة في هذا السياق.
ففي آخر خطاب لجوزيف ستالين عندما كان الجنود الألمان يقتربون من ضواحي موسكو قال للروس إن الأعداء يقتربون من قبر ديستوفيسكي، رغم أن ستالين من جيورجيا!
أما ونستون تشرتشل فقد قال ذات يوم إنه لو أحب أن يقدم نفسه بصفة أخرى غير رئيس وزراء بريطانيا لقال إنه من بلد شكسبير، ويروى عن الجنرال ديغول في ذروة عنفوانه وبعد تحرير فرنسا من الاحتلال أنه علم بأن الشرطة احتجزت الفيلسوف سارتر لأنه كان يوزع في محطات المترو منشوراً لهنري دو بوبل الذي كان خصمه، لكنه عبر عن انحيازه للحرية والديمقراطية بأن فعل ذلك، ولما سمع ديغول بما حدث طلب على الفور ممن احتجزوا الفيلسوف أن يطلقوا سراحه، وأضاف متسائلاً: «من باستطاعته أن يسجن فرنسا؟» وهذا ما تكرر عندما دهس سائق سيارة الفيلسوف غولدمان وهو يعبر الطريق إلى السوربون، فما أن علم السائق بأن الذي دهسه من كبار المفكرين في بلده قال إنني استحق أقصى عقاب، فلم أكن أتصور بأنني دهست فرنسا!
عشرات وربما مئات الأمثلة من مختلف البلدان والثقافات ترينا مكانة الفكر والمفكرين في المجتمعات فكم هي حصتنا كعرب من هذه الأمثلة بل الأمثولات؟