قضايا ودراسات

أمة رمضان

ابن الديرة

الحمد لله الذي أبلغنا رمضان. كل عام والجميع بخير.
يعود الشهر الفضيل ليضيء الذاكرة الجمعية بثوابته ومبادئه وقيمه. هذا هو شهر التضحية والعمل، وهذا زمن الفداء والمعرفة والأخلاق، وقت هو أجمل الزمن، وشهر هو أفضل الدهر، يعود ليعيدنا إلى تاريخنا وإرثنا وأنفسنا، فكأنه الوعد يسبق الوعد، وكأنه العيد يمهد للعيد.
فكيف نستقبل شهر رمضان الفضيل؟ كيف نستقبله دائماً، وكيف نستقبل رمضان في الظروف والمستجدات الحاضرة خصوصاً؟ يأتي رمضان والأمة ليست في أحسن أحوالها، وسط الارتباك والانقسام والتشرذم، يأتي وأنموذج الخير هو الأقل والأندر، ما يوجب تذكر قيم رمضان، والتمسك بها إلى أبعد الأمداء. قيم رمضان هي تضامن العرب والمسلمين على كلمة العدل وموقف الحق، وقيم رمضان هي الاتفاق العميق حتى في ظل كل اختلاف شفيف، فلا أحد يطلب الاتفاق الكامل على كل المحاور والمفاصل، ولا أحد يرغب في إلغاء التعدد أو ينكر أهميته وضرورته، لكن بعض المسلمات واجب وجوباً لأنه بعض روح الإسلام، وبعض قيم رمضان.
أمة رمضان هي التي تتشبث بقيم رمضان، وبصوت العقل وميزان الحكمة، وهي أمة الوسطية والاعتدال، وهي أمة الدليل والبرهان وهما نقيضان أزليان للجهل والظلام. قيم رمضان هي قيم التجديد والتنوير بما ينسجم مع الإرث الحضاري العظيم، وقيم رمضان أبعد ما تكون عن الآراء والمواقف المتناقضة. قيم رمضان هي قيم الخير، والمعنى القريب أن بلادنا، دولة الإمارات، وهي تعيش عام الخير وترفع شعاره، إنما تتبنى قيم رمضان وتدافع عنها بالفعل مع القول وقبل القول.
بلادنا تتبنى قيم رمضان حين تسعى إلى الخير والعمل الإنساني، وحين تجوب قوافل خيرها البلاد والآفاق.
وبلادنا تدافع عن قيم رمضان حين تنتصر لقيم الحق في كل مكان. حين تبذل وتمنح وتقدم المبادرات، وحين تضحي بأرواح أبنائها في سبيل عزتها ومجد أمتها، وحين تكون لها أدوارها الإيجابية المعروفة، وحين تسهم في نهضة العالم من أوسع الأبواب. بلادنا اليوم في طليعة أمة رمضان، هي والشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، وهما يعملان، ضمن شراكتهما الاستراتيجية، على تحقيق مصالح دول وشعوب المنطقة، والعالم العربي بأكمله، والإنسانية جمعاء.
في رحاب رمضان، وفي كل شهر ويوم، علينا، عرباً ومسلمين، تأكيد انتمائنا إلى أمة رمضان وقيم رمضان بالمزيد من التضحية والعمل والإنتاج، وبالمزيد من الجدية والإصرار والإتقان، ومن قيم رمضان التفاؤل والأمل، ونحن شعب السعادة، ودولة التفاؤل والأمل.
من قيم رمضان نشر التسامح والأخوة والصداقة، ومواجهة الشر والتعصب والتطيف والإرهاب، فقلوبنا ونحن نستقبل الشهر الكريم مع إخواننا في كل مكان، وقلوبنا مع إخوتنا المسيحيين في مصر، حيث الإسلام تجسيد أمثل لروح المحبة، وقوى الظلام ليست من الإسلام في شيء، وليست من أمة رمضان، وهي ضد قيم رمضان.
فأهلاً بشهر الخير والقيم، وكل عام والإمارات، الوطن والقيادة والشعب، بخير.

ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى