أوكرانيا مستبعدة من عضوية «الأطلسي»
في 8 يونيو/ حزيران، أقر برلمان أوكرانيا قانوناً يحدد عضوية حلف الأطلسي كهدف للسياسة الخارجية الأوكرانية، ما يعني تغيير الوضع الحالي لأوكرانيا كدولة محايدة.
يعني هذا القانون أن السياسة الخارجية لأوكرانيا ستركز من الآن فصاعداً على التعاون مع حلف الأطلسي في مسعى لكسب العضوية في هذا الحلف الغربي.
ولكن تصويت البرلمان لم يكن نتيجة لنقاش عام في البلاد، ولا أي استفتاء شعبي، بالرغم من أن استطلاعات الرأي تظهر أن أقلية فقط من الأوكرانيين، لا تزيد على 40 %، تؤيد الانضمام إلى حلف الأطلسي.
والقانون الجديد يطلق محاولة جديدة للانضمام إلى الأطلسي بعد أن رفض الحلف قبول هذا البلد كعضو في 2008. والرئيس الحالي بيترو بوروشينكو يريد تلبية شروط عضوية الأطلسي بحلول العام 2020، وقد وعد بتنظيم استفتاء شعبي حول الانضمام إلى التحالف الغربي. ولكن حزب «كتلة المعارضة» صوت ضد القانون الجديد، وهو يدعو إلى إعادة تأكيد وضع أوكرانيا كدولة محايدة.
وكانت أوكرانيا أول بلد عضو في «رابطة الدول المستقلة» (التي أنشئت عقب انهيار الاتحاد السوفييتي وضمت 12 جمهورية سوفييتية سابقة) ينضم إلى «برنامج الشراكة من أجل السلام» في 1994. وهذا البرنامج أطلقه حلف الأطلسي عقب تفكك الاتحاد السوفييتي بهدف التعاون مع جمهوريات سوفييتية سابقة. وفي 1997، وقّع حلف الأطلسي وأوكرانيا «ميثاق الشراكة»، وهذا مهد لمشاركة أوكرانيا في مهمات حفظ سلام دولية في كوسوفو، وأفغانستان، وفي مهمة تدريب في العراق. وفي 2003، أرسلت أوكرانيا قوات إلى العراق عقب الغزو الأمريكي – البريطاني.
ولكن كل هذه الأنشطة لم تجعل أوكرانيا أقرب إلى كسب عضوية الأطلسي، أو حتى إلى أي نوع من «الشراكة المعززة» مع الحلف. وفي 2008، رفض حلف الأطلسي «خطة عمل من أجل العضوية» عرضتها أوكرانيا خلال قمة للحلف في رومانيا. وبرغم تأييد الولايات المتحدة وبولندا لخطة العمل تلك، إلا أن دولاً أوروبية رئيسية، في مقدمتها فرنسا وألمانيا وإيطاليا، عارضتها.
وفي 2010، أقرت أوكرانيا قانوناً يستبعد هدف «الاندماج في الأمن الأوروبي – الأطلسي وعضوية حلف الأطلسي» من الاستراتيجية الوطنية للبلاد. ومنع ذلك القانون انضمام أوكرانيا إلى أي حلف عسكري، ولكنه أجاز تعاوناً مع أحلاف مثل الأطلسي.
ولكن الوضع تغير في أواخر 2014، عندما بدأ حلف الأطلسي يكثف تعاونه مع أوكرانيا، بما في ذلك مشاركة أوكرانيا في برامج تدريبات ومناورات مع قوات أطلسية. كما أصبحت أوكرانيا أول بلد غير عضو يساهم بقوات في «قوة الرد السريع» الأطلسية، وهي قوة جاهزة للرد على أي أزمة في أي مكان من العالم. غير أن كل مساعي أوكرانيا لم تفتح أمامها باب العضوية في حلف الأطلسي. وفي الواقع، ليست هناك فرصة لأن تصبح أوكرانيا عضواً في حلف الأطلسي في المستقبل المنظور.
وفي مارس/ آذار الماضي، تبنى البرلمان الأوكراني قراراً يطلب من الولايات المتحدة منح أوكرانيا وضع حليف رئيسي من خارج حلف الأطلسي. ولكن واشنطن لم تستجب للطلب. وفي أواخر مايو/ أيار، شطبت الولايات المتحدة أوكرانيا من قائمة البلدان التي تتلقى مساعدات عسكرية أمريكية كهبات. وهذا يظهر أن أوكرانيا ليست ضمن قائمة الأولويات الأمريكية.
وفي الوقت الراهن، يواجه حلف الأطلسي العديد من المشكلات، وعضوية أوكرانيا ليست على جدول أعماله. وقد سبق أن دعا مستشارا الأمن القومي الأمريكيان السابقان النافذان في البيت الأبيض هنري كيسينجر وزبيغنيو بريجينسكي إلى استمرار حياد أوكرانيا. وحديثاً، حذر كيسينجر الغرب من أن «شيطنة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليست سياسة عقلانية»، وقال إنه يتعين استبعاد أوكرانيا من عضوية حلف الأطلسي.
وفي الواقع، بالنسبة لحلف الأطلسي، أوكرانيا لا تستحق العضوية بسبب ما ستنطوي عليه مثل هذه العضوية من مضامين خطرة. إذ إن عضوية أوكرانيا لن تكون مقبولة لروسيا. وقد حذرت موسكو مراراً من «عواقب» ضم أوكرانيا إلى الأطلسي. والتحذيرات الآتية من موسكو لا تبدو تهديدات فارغة. وعلى كل حال، لماذا سيدخل حلف الأطلسي في مواجهة خطرة مع روسيا من خلال قبول عضوية أوكرانيا؟
جميع هذه العوامل تجعل من المستبعد انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي.