قضايا ودراسات

أي تسوية تريدها إدارة ترامب؟

شيلدون ريتشمان

يؤكد جيسون جرينبلات، مبعوث الرئاسة الأمريكية، أن واشنطن مصممة اليوم على تسوية «الخصام» الفلسطيني «الإسرائيلي» نهائياً، وأن الأمور ستنتهي «بشكل رائع».
في مقابلة صحفية، قال جيسون جرينبلات مبعوث الرئاسة الأمريكية، إن خطة الرئاسة الأمريكية «ستشمل حل جميع المسائل الجوهرية، بما فيها مسألة اللاجئين، كما أنها ستركز على دواعي القلق الأمنية لدى «إسرائيل».
وكرر جرينبلات القول إن الخطة «ستركز بقوة على الاحتياجات الأمنية ل«إسرائيل»، مضيفاً: «ولكننا نريد أن نكون منصفين للفلسطينيين. ونحن نعمل بجهد كبير (…) ولكن لا بد من القول، إنه ليست هناك أية حلول تتسم بالكمال».
واعتبر جرينبلات أن مقترحات السلام التي عرضت في السابق كانت «مقتضبة وملتبسة» ولم يفهم أحد حقاً ما الذي كانت تعنيه بعض المفردات المستخدمة، وقال: «نحن سنعرض شيئاً يعطي «الإسرائيليين» والفلسطينيين فكرة واضحة عن اتفاق سلام.. وفي النهاية، نريد أن يقرر الناس (يفترض أنه يقصد الفلسطينيين)، ما إذا كانت خطتنا ستجعل حياتهم أفضل، وما إذا كانت جديرة بتسوية النزاع».
إن كلام جرينبلات هذا يوضح تماماً أن الانتقادات الصائبة العديدة التي قوبلت بها «صفقة القرن» الأمريكية الموعودة، لم يكن لها أي تأثير على تفكير فريق الرئيس ترامب.
ولنلق نظرة على ما قاله جرينبلات بشأن «صفقة القرن» هذه:
«ستشمل حل جميع المسائل الجوهرية، بما فيها مسألة اللاجئين». وهنا لا بد لنا من أن نأخذ بعين الاعتبار أن فريق ترامب يستخدم كلمة «حل» بشكل مختلف عن استخدام بقية العالم لهذا التعبير؛ إذ إن فريق ترامب يقصد أنه سيفرض «صفقة القرن»، ويستخدم كل قدرة ونفوذ الولايات المتحدة لحمل الأطراف على قبولها، ثم التزام الصمت. ولكن لا بد لي من توضيح أنني لا أقصد أن فريق ترامب يعامل «الإسرائيليين» والفلسطينيين كطرفين متساويين.
وكيف يمكننا أن نعرف ما الذي يقصده ويريده فريق ترامب؟.
لقد سبق أن اعتبر ترامب أنه حل فعلاً مسألتي اللاجئين والقدس، وذلك ببساطة من خلال إجراءات أمريكية من طرف واحد، وهي إجراءات أسعدت «الإسرائيليين»، وأثارت سخط الفلسطينيين، الذين يتوقع فريق ترامب منهم أن يتخلوا عن حق عودة اللاجئين، وأن يتخلوا أيضاً عن كل أمل بأن تكون القدس الشرقية عاصمة لأي دولة فلسطينية، يمكن أن تقام في المستقبل.
ومن أجل هذه الغاية، قطعت إدارة ترامب المساعدات الأمريكية للفلسطينيين سواء كانوا لاجئين أم غير لاجئين في محاولة لإرغامهم على قبول ما يعرض عليهم.
وماذا قال جرينبلات أيضاً؟.
قال: «سنركز على دواعي القلق الأمنية ل«إسرائيل».. سنركز بقوة على الاحتياجات الأمنية ل«إسرائيل». عملياً، ما يقوله جرينبلات هو أن أمن «إسرائيل» هو الأساس، وكل ما عداه يمكن أن يكون موضع تفاوض. أوليس هذا أمراً عجيباً؟. فمن هم الذين كانوا معرضين للخطر منذ بداية مشروع إقامة دولة يهودية قبل أكثر من قرن مضى، الفلسطينيون أم اليهود؟. إن طرح هذا السؤال يجيب عليه.
وفي الواقع «صفقة القرن» تركز في المقام الأول على «أمن إسرائيل»، ما يعني أن أي دولة فلسطينية يمكن أن تقام في المستقبل، ستكون مجرد دولة صورية؛ لأنها ستكون محرومة من أي وسائل لحماية نفسها من جارتها المهيمنة بفضل الأسلحة الأمريكية، وأيضاً بفضل ترسانتها النووية.
إن قول جرينبلات: «ليست هناك حلول تتسم بالكمال» لهو قول صحيح تماماً؛ إذ إن «الحلول» يمكن أن تكون قريبة من أو بعيدة عن العدل والإنصاف. ونحن نعرف الآن طبيعة الحل الذي يريده فريق ترامب من خلال «صفقة القرن».

أكاديمي وكاتب أمريكي موقع: «كاونتر بانش»

زر الذهاب إلى الأعلى