إجماع مُعزّز بالشواهد
محمد جلال الريسي*
حزمة ثرية من الرسائل المحورية التي أوصلتها دولة الإمارات العربية المتحدة، بوضوح مؤثّر، الى ملتقى «تحالف الأديان لأمن المجتمعات» في دورته الأولى المنعقدة في أبوظبي، والذي تبنى رؤية عملت عليها الدولة في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، وهي وجوب مأسسة الجهود المشتركة من أجل الدفاع عن القيم الإيجابية والإنسانية وتجفيف منابع التطرف والإرهاب، المادية منها والثقافية، التي تحاول اغتيال منظومة العدل والتسامح وضرب الثقة المتبادلة والتعاون بين أتباع الأديان المختلفة، وهي الرسالة التي نهضت بها الإمارات طوال السنوات الماضية، ومنحتها جُلّ عزمها.
وفي مقابل ما تنتهجه دول عديدة من إدامة الحديث عن محاربة الإرهاب، والاكتفاء بالتنظير والشعارات، فقد ترادفت الطروحات الإماراتية قولاً وفعلاً، وهي تعرض كيف أن الدولة التي تأسست على التسامح والقيم الإنسانية المشتركة، جعلت من هذه المبادئ السامية ثقافة اجتماعية مصانة بقوة القانون، تقوم على العيش المشترك، وجزءاً أساسياً من سياستها الخارجية التي ترى في الغوث والمساعدة الإنسانية وجهاً آخر مكملاً للحزم والعزم في محاربة الإرهاب واقتلاع التطرف من جذوره الفكرية المسمومة.
كانت تجربة الإمارات في صون كرامة الطفل في العالم الرقمي، وهو العنوان الرئيس للملتقى حاضرة بقوة بين حشد المشاركين من ممثلي مختلف الأديان والمذاهب، فهي الدولة التي أولت حماية الطفولة جل اهتمامها ومنحت الشباب صناع المستقبل أولوية لإشراكهم في التنمية الشاملة واعتمدت شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الحديثة والتقليدية في محاربة التفسيرات «الخاطئة» للتعاليم الدينية السمحة، والتي تتخذها التنظيمات الإرهابية والمتطرفة ذريعة لنشر فكرها.
في كلمات ومداخلات جلسات ملتقى تحالف الأديان لأمن المجتمعات، كان هناك إجماع مُعّزز بالشواهد على ما قدمه الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية على أن الإمارات هي النموذج الفذّ للتسامح والتعايش بين جميع المذاهب والأديان بالعالم، حيث يتعايش فيها أكثر من 200 جنسية ومئات الثقافات والعقائد والمذاهب التي يمارس أهلها طقوسهم وواجباتهم بكل اطمئنان وأمان وحرية.
ولعل أوضح وأثقل رسائل القوة «الناعمة» التي ميزت خطاب الإمارات في الملتقى المكرسِ لبث روح التآخي بين الأديان والعمل لصالح الإنسانية والبحث عن عالم آمن، فيه مساحة رحبة لحماية الطفولة، هي أنها الدولة الوحيدة في العالم التي تخصص للتسامح حقيبة وزارية، ومثلها للسعادة. وهي الظاهرة الفريدة التي كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قد زرع بذرتها في الصحراء المباركة فأثمرت نهجاً رعته القيادة الرشيدة وعززته بالقوانين والتشريعات التي جعلته ثقافة وطنية متجذرة وسلوكاً اجتماعياً راسخاً.
*المدير التنفيذي لوكالة أنباء الإمارات