قضايا ودراسات

«إسرائيل» تسعى لعضوية مجلس الأمن!

نبيل سالم
عندما ينصب المجرم قاضياً في عالم عودنا على الغرابة والتناقضات غير المعقولة، يبدو الحديث عن عضوية تأملها «إسرائيل» في مجلس الأمن الدولي، وتسعى إليها، أشبه بالنكتة الحقيقية. فرغم القناعة بأن القانون الدولي، الذي وضعته الأمم المتحدة قبل عشرات السنين، ثم اختراقه مئات المرات حتى من قبل واضعيه أنفسهم، إلا أن وصول الأمر إلى تنصيب الكيان الصهيوني عضواً في مجلس الأمن الدولي، يبدو أمراً مبالغاً في سورياليته، ومجافاته للمنطق، إذ كيف يمكن للجاني أن يتقلد دور القاضي؟
فدولة، أو بمعنى أدق كيان عنصري استيطاني استعماري، مارس القتل والجريمة بحق شعب مسالم، كيف له أن يحصل على مكافأة أممية كهذه؟
صحيح أن الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي، لم يقوما بالدور المطلوب منهما في معظم القضايا الدولية، وأخفقا في حل الكثير من القضايا والصراعات في العالم، إلا أن مجلس الأمن ورغم كل الانتقادات التي توجه إليه، يبقى في الواقع السلطة الدولية الأقوى، ويحمل رمزية القانون الدولي، وبالتالي فإن وصول «إسرائيل» إليه يعد أمراً في غاية الخطورة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار، محاولات الكيان المتكررة للتسلل إلى المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، بهدف تنفيذ أجندات عنصرية، ومخططات خبيثة، تهدف إلى تسخير المؤسسات الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، للعمل في فلك المصالح «الإسرائيلية».
ولو حاولنا مراجعة سجل الكيان الصهيوني، في الأمم المتحدة، والتي يسعى إلى التربع فوق قمة الهرم فيها، لوجدنا أن مجرد التفكير بترشح هذا الكيان العنصري إلى منصب في الأمم المتحدة يعد فشلاً سياسياً، وسقوطاً أخلاقياً، بل ضرباً من الجنون.
فالانتهاكات «الإسرائيلية» للقانون الدولي، والتي مثلت على مدى أكثر من ستة عقود، المحدد الأساسي والثابت للسياسة العنصرية والعدوانية التي تنتهجها «إسرائيل» منذ أن أقامها الغرب الاستعماري في عام 1948م على أنقاض الأرض والمجتمع الفلسطينيين، تحت الكثير من الذرائع والأباطيل التي ليست مجال حديثنا الآن، هذه الانتهاكات أكثر من أن تحصى، ولعل أقدمها بل أهمها، هو عدم استجابة «إسرائيل» لقرارين كانا شرطاً أساسياً لقبولها في عضوية الأمم المتحدة، ألا وهما القرار 181 والقرار 194، وهذان القراران كما هو معلوم ينص أولهما أي 181 على التقسيم وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب «إسرائيل»، أما القرار 194 فهو القرار الذي يشير صراحة إلى حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي أخرجوا منها بقوة السلاح.
وبالطبع لم تتنكر «إسرائيل» لهذين القرارين فقط، وإنما تنكرت واستهزأت بعشرات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، طوال سنوات الصراع العربي «الإسرائيلي» الممتد منذ نحو سبعين عاماً.
فلو عدنا إلى التاريخ والوقائع والأحداث التي شهدتها المنطقة منذ إقامة الكيان الصهيوني وحتى يومنا هذا، لوجدنا أن «إسرائيل» ضالعة في الكثير من المخالفات للقانون الدولي، بل وغارقة في مستنقع من الجرائم، التي يصعب حصرها ضد العرب عامة والشعب الفلسطيني بشكل خاص.
ولو أردنا استعراض الجرائم التي ارتكبتها «إسرائيل» عبر تاريخها لاحتجنا إلى مجلدات، فبدءاً من تنكرها وتجاهلها للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، مروراً برفضها لكل قرارات المجتمع الدولي، الخاصة بالصراع العربي «الإسرائيلي»، كالقرار 242 الداعي لانسحاب قوات الاحتلال «الإسرائيلي» من الأراضي المحتلة عام 1967، إلى القرار 238 الذي يؤكد على القرار المذكور والذي جاء بعد حرب السادس من تشرين عام 1973، بالإضافة إلى قرارها بضم الجولان في عام 1981، واعتداءاتها المتكررة على العرب، كغزوها للبنان عام 1982 وحربها على غزة في نهاية عام 2008 وعام 2014 وبجرائمها الكثيرة، بحق هذا الشعب، عبر عمليات الاغتيال والاعتقال والتعذيب، بالإضافة إلى إمعانها في سياسة الاستيطاني العنصري، وإقامة جدار الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتنصلها من كل الالتزامات التي تقرها عملية التسوية السياسية، ومن ثم رفضها الواضح والصريح للمبادرة العربية للسلام، . وبالتالي من المعيب والغريب جداً أن يفكر أحد في هذا العالم، بترشيح هذا الكيان المارق، ليس لتسلم مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي، وإنما في كل المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، التي أكدت في ديباجتها أنها تعمل من أجل الأمن والسلام الدوليين.
إن «إسرائيل» لا يجوز فقط أن تشغل أي منصب في الأمم المتحدة، وإنما يفرض المنطق والقانون الدولي أن تقف في قفص العدالة الدولية، كمتهم وليس كقاضٍ في مسرحية هزلية سخيفة.

nabil_salem.1954@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى