«إسرائيل» وتهجير الفلسطينيين
يونس السيد
لسنا بحاجة للكشف عن وثائق سرية من أرشيف وزارة الحرب «الإسرائيلية» لمعرفة خطط «إسرائيل» لتهجير الفلسطينيين، فهذه الخطط تمارس يومياً وعلى الأرض منذ ما قبل إنشاء «إسرائيل» وحتى اليوم، عندما بدأت عصابات «الهاغاناة» و«ايتسل» و«شتيرن» بتدمير القرى العربية وارتكاب المذابح الدموية لإجبار من يتبقى من الفلسطينيين على الرحيل، واستكملها الاحتلال بعد ذلك بشتى الوسائل والطرق لتحقيق الهدف ذاته.
ولكن الكشف عن «مكنونات» بعض هذه الوثائق، بمناسبة مرور خمسين عاماً على عدوان يونيو/ حزيران 1967، يكشف لنا أيضاً عن حالة التخبط والارتباك التي كان يعيشها قادة «إسرائيل»، لاستغلال تلك الحرب العدوانية في إخراج تلك الخطط إلى حيز التنفيذ الفعلي.
من بين هذه الوثائق السرية، نشير إلى ما قاله رئيس الحكومة آنذاك ليفي اشكول، في جلسة عقدت مباشرة بعد عدوان عام 1967، للتداول في كيفية تهجير الفلسطينيين، إذ قال في محضر إحدى جلسات اللجان الفرعية: «سأتولى إقامة خلية عمل تكون مهمتها تشجيع هجرة العرب من هنا»، مضيفاً أنه «يجب علاج هذا الأمر بهدوء وسرية، والبحث عن سبل لهجرتهم إلى دول أخرى وليس فقط إلى شرقي نهر الأردن». كما أعرب اشكول عن أمله بتشديد الخناق على أهالي قطاع غزة لدفعهم إلى الرحيل طوعاً. وقال: «إذا لم نعطهم الماء بشكل كافٍ فلن يكون أمامهم خيار، لأن البيارات ستجف». وكان اشكول يشدد على «إفراغ غزة أولاً» ويقول «ربما تنتظرنا حرب أخرى، وعندها سيتم حل هذه المشكلة، لكن ذلك نوع من الترف».
وبحسب صحيفة «هآرتس» فقد كان معظم قادة «إسرائيل» يؤيدون فكرة تهجير الفلسطينيين من كامل فلسطين التاريخية، لكن اشكول كان أكثر وضوحاً، إذ قال في إحدى الجلسات إن «إسرائيل» مثل «رقبة الزرافة» كونها ضيقة. وأضاف «مليون عربي ليس أمراً سهلاً أبداً بالنسبة لنا، أنا أتخيل هذا الأمر، كيف سنقوم بتنظيم الحياة في الدولة مع وجود 1.4 مليون عربي (حينذاك) في حين أن عددنا 2.4 مليون، وهناك 400 ألف عربي موجودون في البلاد»، في إشارة إلى فلسطينيي 48.
هذا غيض من فيض، فالاحتلال لم يعدم وسيلة لطرد الفلسطينيين من وطنهم إلا وقام بها، بدءاً من جرائم القتل والإعدام والمذابح الجماعية إلى عمليات الاعتقال ومصادرة الأرض والتهويد وهدم المنازل وتدنيس المقدسات، لكننا رغم كل ذلك، نجد في النهاية، أكثر من خمسة ملايين ونصف المليون فلسطيني يعيشون على أرض فلسطين التاريخية، ويتطلعون بشغف إلى الحرية والخلاص من الاحتلال، مهما كانت نوايا الاحتلال ومخططاته.
younis898@yahoo.comOriginal Article