مقالات عامة

إضافات ثرية

د. حسن مدن

استكمالاً لحديثنا هنا قبل يومين المعنون ب«بتوع المدارس»، تجدر الإشارة إلى ما قاله المفكر الإيطالي أنطونيو جرامشي حول أن «كل البشر فلاسفة»، وذلك بتعريف حدود وملامح الفلسفة العفوية التي يمارسها الجميع، وهي تكمن، ضمن أشياء أخرى، في الحكمة الشعبية والحس السليم.
وحول المقال المذكور، وصلتني تعليقات مهمة، من أصدقاء وأساتذة من مختلف البلدان العربية، تتقاطع مع هذه الفكرة، وجدت مناسباً أن أعرض باختصار شديد لبعضها، فعلى سبيل المثال تقول سوسن الحداد، من فلسطين: «أمهاتنا كن يضحكن عندما نسألهن عن مقادير وصفة طعام معينة ويجبن أنها (بالبركة والنظر)، ملخصات فلسفتهن في التجربة والخبرة لا النظريات ولا المقاييس».
الصحفي محمود مرسي من مصر قال إنه يذكر يوم شاهد، وهو طفل، أحدهم يسأل الجزار مستغرباً: «إزاي يا عم حسن بتحسب البيعة وأنت أصلاً ما دخلتش مدرسة»، فرد عليه بثقة وبصوتٍ عالٍ: «يا ابني.. العلم في الراس، مش في الكُرّاس».
من فلسطين أيضاً، تذكر دينا الحدَّاد أن الكاتب والمعلم الفلسطيني منير فاشة تحدَّث في كتابه «حكايتي مع الرياضيات» عن أن مهارة أمه، الأمية، في الرياضيات والهندسة فاقت ما تعلمه في هارفارد.
بعض الأصدقاء وجدوا في الحديث مناسبة لعرض معضلات التعليم في العالم العربي، حيث تقول حليمة الشحي، من سلطنة عُمان، إن المقال «يعيدنا إلى دعوتنا الدائمة لتطوير التعليم، أمريكا أول من تنبه لهذا الأمر في الستينات فتبنت نظاماً يُسمى نظام المعايير وهو يعتمد على ما يُسمى بكفايات التعلم التي تعتمد على التركيز على تعليم المهارات بدلاً من تدريس معرفة مجردة، وتبعتها أوروبا في التسعينات، ولحقت بهما دول الشرق الأقصى كسنغافورة واليابان، حيث أضيف إلى هذا النظام القيم والاتجاهات، فيما ظلت دول الشرق الأوسط غارقة في نظام تلقين الطالب وتحفيظِه معرفة مجردة ومن ثم الحكم عليه من الدرجة التي حصل عليها من الحفظ حتى وإن لم يكن يمتلك أي مهارة».
أما من السودان، فتقول فايزة نُقد، «لن يؤدي التعليم رسالته إلا إذا تمت مراعاة الآتي: تعليم يحقق قيماً معرفية (نظرية وعملية)، تركيز التفكير العلمي وتعميق النظرة الناقدة، عدم تقبل الأشياء كمسلمات، بل إخضاعها للأساليب العلمية للوصول للحقيقة، غرس روح البحث والاطلاع والتثقيف الذاتي، بناء العقلية الاستقلالية ومناهج البحث، تنمية المهارات وتفجير الطاقات، بناء الشخصية مستقلة الرأي مع احترام وقبول الآخر».
وليد حسين، من العراق، يرى أن «أنظمة التعليم في بلداننا تزيد الجاهل جهلاً، فجيلنا فطن على حرف كثيرة، وأكثر ما كنت أتوقف عنده هي حرفة البنائين وكيف ترفع السقوف المبنية من الآجر وكيف تحسب الأثقال وكيف ترصف الأرضيات، فيما البناؤون لا يقرأون ولا يكتبون. أخال أن التعليم المنهجي الأكاديمي هو لترتيب وتنظيم الأفكار وتسطيرها بنصوص وليس ابتداعها».

madanbahrain@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى