مقالات عامة

إعلام خلف القضبان

مارلين سلوم

مؤلم أن ترى إعلامياً خلف القضبان، لكن المؤلم أكثر أن ترى الإعلام المرئي نفسه، وقد أصبح سجين قضبان التلفيق، متهم بجرائم بشعة، مهنية وإنسانية وأخلاقية.. محزن أن تشعر بأنك أعلى خلقاً وثقافة ووعياً وحكمة من إعلامك، الذي من المفترض أن يكون هو الموجّه للرأي العام، والمؤثر الإيجابي في الناس والمجتمعات.
لم يعد يجوز لنا أن نسأل كيف ولماذا وصل حال بعض الإعلام العربي إلى هذا المستوى من التدني الأخلاقي والمهني؛ لأن المؤشرات كانت كثيرة، والقارئ الجيد للحركة الإعلامية في تلك الدول، كان يعلم أن الانهيار التدريجي لا بد أن يؤدي إلى هذا الوضع، وأن الآتي أعظم، وقد وصلنا إلى هذا «الأعظم» الذي لم يعد يجد معه العلاج المؤقت أو «الطبطبة» والتجاهل.
محزن أن نرى حال بعض الإعلام المرئي في مصر مثلاً، وقد وصل إلى ما هو أبعد من الاتهامات المباشرة والمعارك الكلامية على الهواء، حيث بلغ حدود تلفيق الأخبار والأكاذيب، من أجل «صناعة الضجة الإعلامية»، وتحقيق سبق يُبهر الناس! ومحزن أن تتوالى أسماء المذيعين المتهمين بقضايا تمس شرف المهنة، وتمس الأمن واستقرار المواطنين، وقضايا تمس دولاً وشعوباً شقيقة.
أحدث القضايا هي قضية ريهام سعيد، التي لن نخوض في تفاصيلها، إنما سواء كانت مذنبة فعلاً أم لا، باتفاقها مع فريق عمل برنامجها «صبايا الخير»، وبالتنسيق مع «مسجّل خطر» على خطف أطفال، إلا أنها في «محكمة الضمير المهني» مذنبة.
الإعلام لا يبيح للمذيع التمثيل في قضايا خطيرة وإنسانية، وتعريض حياة أطفال للخطر، من أجل تصوير حلقة تلفزيونية. وهي ليست المرة الأولى التي تتهم فيها هذه المذيعة بتلفيق قصص، والاتفاق مع أشخاص من أجل تصوير حلقة مثيرة للجدل.
ريهام تقف أمام القضاء، بينما غيرها من الإعلاميين يواجهون تهماً أخرى، وصدرت بحق بعض منهم قرارات بالوقف عن العمل، مثل أحمد شريف، الموقوف بسبب تجاوزات مهنية وأخلاقية، وسب وشتم في برنامجه «ملعب الشريف»، وأماني الخياط، التي لم تنفذ قرار وقفها بعد «المخالفات الفجة» التي ارتكبتها تجاه سلطنة عمان، في برنامجها «بين السطور». وأيضاً محمد الغيطي، بعد تجاوزات لفظية في برنامجه «صح اليوم»، وخيري رمضان الذي ارتكب خطأ في برنامجه «مصر النهاردة»..
من المذنب ومن البريء؟ الإعلام هو البريء، وهو المتضرر الأول مما وصل إليه من تدني وانهيار الكثير من القيم، على أيدي من أباحوا كل ما هو محظور، واستغلوا الشاشة لصناعة الوهم، والسعي خلف النجاح المفتعل، والشهرة الكاذبة.
المتهمون كُثر، طالما أن الإعلام مازال يتعرض للانتهاك والتشويه، وكأنه ملكية خاصة، كل يفصله على مقاسه، ولا أحد يضع حدوداً وشروطاً صارمة يجب الالتزام بها.

marlynsalloum@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى