قضايا ودراسات

استشراف عربية الغد

عبداللطيف الزبيدي

هل شعوب العالم العربيّ مغيّبة عن الدراسات المستقبليّة للغة العربية؟ لعل السؤال الأحرى بالطرح هو: هل لدينا بحوث استشرافية لمستقبل لغتنا أصلاً؟ أين تُعد ومن هم القائمون بها والقوّامون عليها؟ وضع العربية مختلف عن كل لغات العالم، لأن حال البلدان العربية لا تجوز مقارنتها بأحوال الأمم الأخرى. لا وجود للسان أربعمئة مليون نسمة، ساد قروناً، كل مشكلاته مردّها إلى انعدام التنمية.
حين نتحدث عن اللغة الحيّة، فإنما نحن نطرح قضايا كائن له حياة، له حركة وفعل، نمو وتنمية وتطوّر، ووراء ذلك تغذية منتظمة تعطي طاقة تساعد على عمل وإنتاج مستمرّين. من باب التفاؤل نقول «نحن نطرح قضايا كائن له حياة»، وإلاّ فالواقع يرينا أننا «نطرح جانباً» كل ذلك. في حقيقة الأمر، لا يريد العقل العربيّ تناول نقط ضعفه العلمية والتنموية في شأن اللغة، لأن النتائج تكشف عندئذ أن تردّي مكانة العربية تنموية أوّلاً وأخيراً. حتى تبسيط القواعد يغدو مسألة هامشية غير ذات بال، لو كانت لغتنا منتجة للعلوم، وكان للعرب قدرة على فرض وجودهم ومكانتهم العلمية على الساحة العالمية. بإيجاز: مشكلة العربية تكمن في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء والتقانة. ولو كانت مقاليد هذه الخيول الجامحة الضابحة نحو آفاق المستقبل، في أيدي شعوبنا، لرأينا طلاب القارات الخمس يتهافتون على الإلمام بأعقد قواعد نحونا وصرفنا، يرتشفونها بأحلى من شهد الرضاب، لأنها تحمل إلى شرايين عقولهم العلوم التي ستقوم عليها صروح حضارة الغد الإنساني.
لا يجوز لعاقل توهّم أن العربية بخير بينما سيادة البلدان منتهكة، والعمل المشترك على باب الله، والأميّة وباء منتشر، والاستثمار في العلوم في الدرك الأسفل، والاقتصادات متداعية، والتشتت هو السائد. لا يوجد دليل على أن النظام العربي يدرك أن كل ذلك يتم على حساب سلامة حياة لغتنا.
لزوم ما يلزم: النتيجة القياسية: إذا كان العقل السليم في الجسم السليم، فإن على العرب القياس: اللغة السليمة في التنمية السليمة.

abuzzabaed@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى