الأرض لن تبقى قادرة على العطاء
جورج مونبيوت*
إذا استمر الناس في العالم، في استهلاك الغذاء بالكميات والنمط الذي يفعلون به ذلك، فلن تكون الأرض قادرة على تلبية طلبهم، لا من اليابسة ولا من البحار.
البريكسيت؛ سحق الديمقراطية من قبل المليارديرات؛ الانهيار المالي القادم: لا شيء من ذلك يؤرقني ويمنعني من النوم في الليل. ليس ذلك لأنني غير معنيّ بهذه الأمور، فأنا معنيّ بها كثيراً. ولكن، لأن سؤالاً أكبر يدور في ذهني: من أين سيأتي الغذاء؟
بحلول منتصف القرن، سيكون عدد سكان الأرض قد ازداد بمقدار ملياريْن. وأي واحدة من القضايا التي سأسردها، يمكن أن تساعد في التعجيل بمجاعة جماعية. وهذا قبل النظر في كيفية تفاعل هذه القضايا.
وتبدأ المشاكل من حيث يبدأ كل شيء: من التراب. إن تصوّر الأمم المتحدة الشهير، الذي يقول إن العالم، في ظل المعدلات الحالية لفقدان التربة، بقي لديه 60 عاماً من الحصاد، يبدو مدعوماً بمجموعة جديدة من الأرقام. ونتيجة لأمور من بينها تدهور التربة، تنخفض الغلة بالفعل في 20% من الأراضي الزراعية في العالم.
والآن، لنفكرْ في فقدان المياه. في أماكن مثل سهل شمالي الصين، ووسط الولايات المتحدة، وكاليفورنيا، وشمال غربي الهند وهي من بين المناطق ذات الأهمية الحاسمة للزراعة في العالم وصلت مستويات المياه الجوفية المستخدمة لريّ المحاصيل، نقطة متأزمة بالفعل. وعلى سبيل المثال، يجري سحب المياه في طبقة المياه الجوفية في منطقة الجانج الأعلى في الهند، بمعدل يساوي 50 ضعفاً من معدل إعادة تغذيتها.
ولكن، لمواكبة الطلب على الغذاء، يتوقع المزارعون في جنوبي آسيا، أن يستخدموا بحلول عام 2050، كمية من المياه، أكثر بما يتراوح بين 80 و200%، ممّا يستخدمونه حالياً. فمن أين ستأتي هذه المياه؟
والقيد التالي هو درجة الحرارة. وتشير إحدى الدراسات، إلى أنه مع الاحترار بمقدار درجة مئوية واحدة مع تساوي جميع الأمور الأخرى ينخفض المحصول العالمي من الأرز بمقدار 3%، والقمح 6%، والذرة 7%. وقد يكون ذلك متفائلاً. فالأبحاث المنشورة في مجلة الرسائل الزراعية والبيئية، تظهر أن درجة ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 4 درجات مئوية، في حزام الذرة الأمريكي، يمكن أن يقلل محصول الذرة بنسبة تتراوح بين84% و100%.
وفي المناطق الأفقر في العالم، فإن الناس الذين يملكون أقل من 5 أفدنة، يملكون 30% من الأرض الزراعية، ولكنهم يُنتجون 70% من الغذاء. ومنذ عام 2000، تم الاستيلاء على مساحة من الأراضي الخصبة تقارب ضعف مساحة المملكة المتحدة، من قِبل مغتصبي الأراضي، وتم دمجها في المزارع الكبيرة، التي تنتج إجمالاً محاصيل للتصدير، بدلاً من الغذاء الذي يحتاجه الفقراء.
وبينما تنتشر هذه الكوارث على اليابسة، تجري غربلة البحار من كل شيء ما عدا البلاستيك. وعلى الرغم من الزيادة الهائلة في الجهد (القوارب الأكبر، والمحركات الأكبر، والمزيد من المعدات)، يتراجع صيد السمك في العالم، بنسبة 1% سنوياً، مع تدهوُر أعداد السمك في البحار.
وبسبب الطريقة التي نأكل بها، فإن البصمة الزراعية في المملكة المتحدة؛ أي الأرض اللازمة لتلبية طلبنا، هي 2.4 ضعف حجم المساحة الزراعية في المملكة. وإذا كان كل شخص يطمح إلى هذا النظام الغذائي، فكيف نقوم بتوفيره؟
وسيكون من المستحيل الاستمرار في التحول في النظم الغذائية، حتى لو لم يزد عدد سكان العالم. ولكن كلما زاد عدد الناس، كلما زاد الجوع الذي سيسبّبه أكل اللحوم.
وكنتيجة جزئية لذلك، يمكن أن يتضاعف الطلب العالمي على المحاصيل، بحلول عام 2050. والأرض اللازمة لإنبات هذه المحاصيل، غير موجودة.
*كاتب بريطاني معروف بنشاطه البيئي والسياسي.
موقع: صحيفة الجارديان.