قضايا ودراسات

الأسرى في دائرة الخطر

يونس السيد

«لا تجعلوني أستقبل جثثًا من سجون الاحتلال، فالأسرى يصارعون الموت الآن، اكسروا الأقلام، ابحثوا عن مسدس ورصاص، لا تنظروا إلى ساعاتكم، انتهى الوقت، لا ملح ولا ماء، جفت العروق وأغلقت الأبواب».. بهذه الكلمات أطلق رئيس هيئة شؤون الأسرى، عيسى قراقع، نداء استغاثة، لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أن امتنع الأسرى المضربون عن الطعام عن شرب الماء والملح، ودخلوا في مرحلة الخطر.
منذ أكثر من أربعين يوماً، ما زال أكثر من 2000 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال يخوضون الإضراب المفتوح عن الطعام، للمُطالبة بحقوقهم المشروعة، ومعاملتهم أسوة بباقي البشر. ومنذ أيام قليلة، دخل هؤلاء في مرحلة جديدة من الإضراب بإعلانهم الامتناع عن شرب الماء والملح رداً على تجاهل سلطات الاحتلال لمطالبهم وعمليات القمع والتنكيل والنقل الممنهجة من سجن إلى آخر، بهدف إنهاكهم، حيث تجري عمليات النقل بواسطة عربة حديدية يبقى الأسير داخلها مكبل اليدين والقدمين، في عملية تستمر لأيام، ورغم ذلك وجه الأسرى المضربون رسائل قوية تؤكد عزمهم على الاستمرار في معركة «الأمعاء الخاوية» حتى الشهادة أو النصر بتحقيق مطالبهم.
لكن بالمحصلة، فقد دخل الأسرى دائرة الخطر الحقيقي، بعد أن تدهورت أوضاعهم الصحية بشكل غير مسبوق، وبدأ هؤلاء يعانون من هبوط حاد في الوزن وصعوبة في الحركة وحالات إغماء متكررة، علاوة على تقيؤ الدم، خصوصاً وأن بعضهم من المرضى، ما أدى إلى نقل العشرات منهم إلى المستشفيات، حيث يتعرضون للابتزاز والمساومة. ورغم التعتيم الإعلامي في سجون الاحتلال، كشفت وسائل إعلام صهيونية أنه تم نقل 150 أسيراً مضرباً عن الطعام إلى المستشفيات بينهم عدد من القادة على رأسهم مروان البرغوثي، كما نقلت الأسير المضرب سامر العيساوي إلى المستشفى وهو في وضع صحي حرج.
منذ بداية الإضراب الذي حمل عنوان «الحرية والكرامة»، لم تتوقف سلطات الاحتلال عن استخدام كل ما بحوزتها من وسائل القمع والتنكيل الوحشية ضد الأسرى، وعندما لم تنجح في كسر الإضراب، لجأت إلى معاقبة أهالي المضربين كما في حالة عميد الأسرى كريم يونس، بإحراق سيارات أقاربه وخيمة الاعتصام في وادي عارة، واستدعاء عدد من شبان القرية للتحقيق.
يحسب للأسرى أنهم يخوضون معركة الحرية نيابة عن الشعب الفلسطيني، ولكن الفعاليات التضامنية لم تعد كافية في مواجهة الغطرسة الصهيونية، وباتت القيادة الفلسطينية مطالبة الآن وأكثر من أي وقت مضى بنقل معركة الأسرى إلى المحافل الدولية للضغط على الكيان الصهيوني بتلبية مطالب الحركة الأسيرة قبل فوات الأوان.

younis898@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى