الإرهاب وطاقية الإخفاء
خيري منصور
أساء بعض المتلاعبين بدلالات المصطلحات فهم ما امتازت به لغتنا من مترادفات وظنوا أن للشيء الواحد أسماء كثيرة، والحقيقة أن لكل اسم دلالة، سواء تعلق بالزمان أو المكان، لهذا يحاولون عبر وسائل الإعلام تغطية الإرهاب بطاقية الإخفاء، فهو أحياناً التشدد أو التطرف أو الغلو والراديكالية، والحقيقة أنه إرهاب بالمعنى الدقيق ولا شيء آخر. وقد يكون المقصود بالتلاعب بالمصطلحات خلط الأوراق وإتاحة المجال لتهريب ظواهر محددة، وبلغ الأمر مؤخراً أن أطلق على الجماعات الإرهابية التي استباحت المعابد والمتاحف وكل ما له صلة بالعقائد والحضارة اسم الجماعات المسلحة، رغم أن هذا الوصف ينطبق على جيوش نظامية لأنه يقتصر على السلاح فقط دون أن تحدد وجهته وأهدافه!
وإذا كان للإعلام حصة في هذه الحرب، فإن عليه أن يتوقف ملياً عند هذه اللعبة ويسقط الأقنعة وطاقيات الإخفاء كي يبدو الغراب غراباً ولا يختلط الحابل بالنابل، وتضيع البوصلة!
والأطراف التي تغذي الإرهاب وتخطط له لا تمده بالمال والسلاح فقط، بل بجعبة من المصطلحات يعكف على نحتها أخصائيون في فقه التدمير، وقد أدى الاستخفاف بهذه الخدعة إلى أن أصبح الناس يتداولون مصطلحات ملغومة لكن ببراءة، لأنهم ليسوا على دراية بما يدار وراء الكواليس والأكمات.
ولعبة الخلط بين دلالات الكلمات ليست جديدة، لكن ما يجري هو تطويرها وتسويقها وإحاطتها بهالة ثقافية، بحيث تبدو كما لو أنها الأدق في التعبير عن أحداث وظواهر.
ولا ينفصل تحرير الخطاب الإعلامي عن تحرير الأرض التي يحاول الإرهاب استيطانها ثم التمدد منها إلى مجالات أخرى إذا استطاع.
وبعد أن بلغ الإرهاب هذا الحد من الانتهاك والاستباحة وتحليل المحرم بكل المقاييس لم يعد هناك ما يتيح الحياد لأي فرد أو دولة، لأن البشرية كلها بما ورثت وأنجزت أصبحت هدفاً لشروره.
Original Article