قضايا ودراسات

الإرهاب يضرب قلب العرب

صادق ناشر
العملية الإرهابية التي استهدفت أمس الأول حافلات كانت تقل مواطنين مصريين، أثناء توجههم لأداء طقوسهم الدينية في أحد الأديرة في منطقة المنيا، لم تخرج عن المخطط الكبير الذي يستهدف قلب العرب، وهي مصر، والتي يجمع الناس عليها باعتبارها حائط الصد الأخير في دخول العرب دوامة التمزق والشتات. فقد كانت مصر، ولا تزال، تمثّل الرئة التي يتنفس من خلالها العرب، وكانت ولا تزال القلب الذي يمد الأمة العربية بالأمل، ومتى ضرب هذا القلب أصيبت الأمة بأكملها في مقتل.
لم يكن مستغرباً هذا الكم الكبير من التنديد بالعملية الإرهابية التي شهدتها المنيا، وأدت إلى مقتل ما يقرب من 30 شخصاً، وجرح عدد آخر، أغلبهم من الأطفال، فقد كانت الصدمة كبيرة، لهذا كانت هناك عملية رفض لها داخلياً وخارجياً، فالمصريون اصطفوا جميعاً على قلب رجل واحد، بمسلميه ومسيحييه، لإدانة مثل هذا العمل البربري، كما كان العرب والعالم، متضامناً مع المصريين، وفي مقدمتهم دولة الإمارات العربية المتحدة التي أعرب بيان صدر عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي عن تضامن الإمارات حكومة وشعباً مع مصر وشعبها، ووقوفها إلى جانبها في مواجهة «العمل الإجرامي الخبيث»، معتبرة أن هذه الجريمة تضاف إلى السجل الأسود للإرهاب والإرهابيين.
وجددت الإمارات دعوتها للعالم كافة إلى الوقوف صفاً واحداً من أجل اجتثاث هذه الآفة الخطرة التي قال البيان، إنها تهدف إلى تدمير المجتمعات ونشر الفوضى وبث روح الصراع والفرقة بين أبناء الوطن الواحد.
مصر إذاً في مواجهة مفتوحة مع الإرهاب، وهذه المواجهة ليست من فترة قريبة، بل تمتد إلى سنوات طويلة، فقد تضررت البلاد من الأعمال الإرهابية خلال العقود الماضية، لكن السنوات الأخيرة شهدت تصعيداً لافتاً ليس فقط في أعدادها فحسب، بل وفي تنوّعها وطرق تنفيذها، وحوّلت الجماعات الإرهابية مناطق بعينها، من بينها المنيا وسيناء، إلى ساحات انطلاق لتنفيذ عمليات إرهابية جبانة، تستهدف تقويض أمن مصر والمصريين ومحاولة إذكاء الخلافات بينهم على أساس مذهبي، وهو ما أشار إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطاب له أعقب العملية الإرهابية، عندما قال إن المتطرفين يعملون على إشعال الفتنة الطائفية في البلاد.
ورغم الحزم الذي أظهرته الدولة المصرية في حربها على الإرهاب، إلا أنه ما زالت هناك الكثير من الجيوب الإرهابية في مناطق مختلفة من البلاد تستغل الوضع الانتقالي الذي تمر به مصر منذ خروجها من عنق الزجاجة بفعل ثورة الربيع العربي، التي تضررت منها بشكل كبير، حالها حال بلدان عربية دفعت ثمناً لهذه الثورات، ولا تزال تداعيات ذلك قائمة اليوم.
يخاف العرب كثيراً على مصر، تماماً كخوفهم على كل بلد عربي آخر، لكن الحالة المصرية تختلف عن حالات بلدان عربية أخرى، فالمعركة مع الإرهاب في مصر تأخذ أبعاداً سياسية واقتصادية واجتماعية وقومية، وخسارة المعركة في مصر تعني خسارة للعرب جميعاً، لهذا لن يسمح المواطن العربي بسقوط آخر قلاعه، وسيخوض المعركة مع مصر والمصريين بكل الإمكانيات.

sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى