الاختبار في ستوكهولم
صادق ناشر
حسناً فعل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث في جمع أطراف الأزمة اليمنية في مفاوضات ستوكهولم السويدية. صحيح أن سقف الطموحات كان أعلى من ذلك؛ كأن تكون المفاوضات مباشرة، أي وجهاً لوجه بين الوفدين الرئيسيين؛ (الشرعية والانقلابيين)؛ لكن هكذا قبل الطرفان شكل المفاوضات، خاصة وأن الثقة بين الجميع مفقودة، ويتطلب الأمر إجراءات أكثر؛ لبناء الثقة، وقد يكون الاتفاق، القاضي بالإفراج عن الأسرى والمعتقلين لديهما؛ مقدمة لسلسلة من النقاط، التي كان من المحرم الخوض فيها خلال الجولات الماضية، التي عُقدت في كل من الكويت وجنيف خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
يدرك الجميع، أن الحل لأزمة اليمن لن يكون في السويد، فهذه الجولة يبنى عليها خياران؛ إما تعزيز فرص الحوار، الذي يُفضي إلى تحقيق سلام شامل وعادل أو حرب تستمر إلى ما لا نهاية، ويتحول اليمن مثله مثل الصومال في القرن الماضي، وليبيا في الحاضر؛ إذ إن المقسم سيقسم أكثر مما هو عليه اليوم، وهذه الحقيقة يدركها الجميع، بمن فيهم الحوثيون، الذين يدركون خطورة الاستمرار في خيار الحرب العبثية، التي أوقدوا جذوتها؛ بإسقاط معسكرات الدولة في عمران؛ ومحاصرة صنعاء عام 2014، وصولاً إلى الانقلاب على السلطة، وفرض الإقامة الجبرية على رئيس البلاد، ورئيس الحكومة والوزراء، وما تبع ذلك من تداعيات مُدمرة، نعيش اليوم مشاهدها؛ عبر الحروب المتحركة في أكثر من منطقة وقرية..
من المهم أن يصل الجميع إلى قناعة؛ بأن الحرب ليست الوسيلة، لتحقيق الانتصار؛ فالانتصار في العمل السياسي، قد يكون مجدياً أكثر من الانتصار، الذي تكتبه لغة الرصاص والمدافع والصواريخ، خاصة وأن الإمكانات الضعيفة لليمن، تم تبديدها على حرب خاسرة، الحوثيون قبل غيرهم؛ يدركون أنها لن تجلب لهم ما يريدون، حتى وإن أعلنوا خلاف ذلك.
سيدرك الجميع أن الحرب اكتوى ويكتوي بها اليمنيون منذ ما يزيد على أربع سنوات، إذا ما عرفنا أن الحرب لم تبدأ في 2015؛ بل يؤرخ لها بعام 2011؛ عند اندلاع احتجاجات ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح؛ إذ بقيت الاحتجاجات تتناسل حروباً، وتمردات مصغرة، لم يسلم اليمن يوماً من أضرارها، رغم المبادرة الخليجية، التي تم التوقيع عليها في عام 2012، وسلم صالح بموجبها السلطة للرئيس عبدربه منصور هادي، إلا أن ما تبع عملية التسليم، كان شيئاً مؤسفاً؛ إذ واجه هادي وضعاً غير مريح؛ تحالف فيها الحوثيون وصالح؛ لإسقاط سلطة هادي، فضلاً عن أن هادي نفسه لم يستطع إدارة الدولة، كما كان يفعل سلفه؛ فوقع في أخطاء كثيرة؛ أدت إلى ما عليه اليوم.
في نهاية الأمر، كانت الحرب عبارة عن مغامرة غير محسوبة العواقب، وتسببت في تقسيم اليمن سياسياً ومناطقياً، ومذهبياً، والعامل الأخير يعد الأخطر؛ حيث إنه يلغم المجتمع بأكمله، بمعتقدات ظل يرفضها طوال قرون طويلة.
sadeqnasher8@gmail.com