قضايا ودراسات

التضحية أحياناً

شيماء المرزوقي

قرأت في كتاب «كل ما أعرف» للكاتب بول جارفيس عن عرض تقديمي حدث في مؤتمر بيوند تيليراند عام 2013 تحدث فيه مصمم رسوم «جرافيكس» يدعى جيمس فيكتور، عن فترة في حياته كان فيها قد أوشك أن يُطرد من مسكنه بعد أن قام بإنفاق كل أمواله المخصصة للإيجار على الرسوم التي كلفته أموالاً طائلة، وذلك كله من أجل أن يظهر العيد السنوي لاكتشاف أمريكا بمنظور وشكل مختلف وغير تقليدي.
وهكذا هي الأعمال الرائعة والمختلفة، تتطلب التضحية أحياناً، ضحى ذلك الرجل بالأموال المخصصة لإيجار مسكنه لأن لديه رسالة يريد أن يوصلها للناس، وكونه لا يملك المال الكافي لذلك لم يمنعه من إكمال رسالته ومشاركتها مع الآخرين، هذه النقطة التي أتحدث عنها عندما يقوم الشخص بالتضحية بشيء في غاية الأهمية، من أجل هدف أعظم، وقام فيكتور بعد ذلك بعرض عمله في متحف الفن الحديث، لذلك على الأرجح لم يعد يواجه مشاكل في تسديد إيجار مسكنه، فيما بعد تحدث لمجموعة من الناس عن المخاطر التي واجهته لكي يقوم بهذا العمل الهادف، فسأله أحد الأشخاص الجالسين في الصفوف الخلفية، وكما يقول بول جارفيس «ودائماً ما يتواجد شخص في الصفوف الخلفية»، قام ذلك الشخص بسؤاله: لماذا لم يقدر أهمية المتطلبات الأساسية في الحياة مثل السكن؟.. فأجابه جيمس بأنه قام بفعل ذلك، لكنه لم يشأ أن يكتب على قبره «هنا يرقد جيمس، الذي سدد إيجار مسكنه».
غني عن القول إن الإجابة تحمل دلالة من الفكاهة والسخرية.. إيجار المسكن هو مجرد مثال على أي حال، وليس الشيء الذي نأخذه من هذه القصة أن نتخلى عن التزاماتنا الحياتية المهمة، لكي نقوم بأعمال خيرية أو تقديم رسائل معنوية وإيجابية، إنما الهدف هو التضحية المحسوبة بدقة، خاصة تلك التي نظهر عندما نكون على ثقة تامة بأننا نملك موهبة فريدة ومتميزة والناس في حاجة لها، هنا لا بأس ببعض الإقدام والمجازفة، ولكن دوماً ضع خطة تسمح لك بالعودة أو التوقف والتراجع.

Shaima.author@hotmail.com
Www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى