غير مصنفة

التميز من المفردة إلى الواقع

شيماء المرزوقي

من محاسن هذه المفردة «التميز» أنها لا توضع إلا في كل الجوانب الإيجابية والجميلة والمبشرة للإنسان، وقلما تم استخدامها في جوانب للدلالة على الشر أو البؤس أو الإخفاق، فنحن لا نسمع من يقول: أنت متميز في الفشل، وحتى لو سمعت مثل هذه الجملة فإنها تكون بمثابة تهكم، أو لا نسمع من يقول: هؤلاء متميزون في صناعة الفشل، فهي لا تتناسب طردياً مع موضوع الجملة، دوماً تتوجه هذه المفردة «متميز» لما يفرح ولما يدعوا للبهجة. خذ على سبيل المثال لا الحصر: أنت متميز في أخلاقك، أنت متميز في عطائك، أنت مميز في كرمك، لقد امتزت في أدبك…إلخ.
وكما قلت إنها مفردة محببة للنفس، على مختلف تشكيلاتها، وهي ليست مثل مفردة «النجاح» أو مفردة «التفوق» لأن التميز، يعني التفرد، أما مع النجاح والتفوق، فقد يكون هناك آخرون ناجحون ومتفوقون مثلك وفي مستواك نفسه، ببساطة هي مفردة تضم النجاح والتفوق.
لكن لنبحر في عدد من التعاريف التي حاولت الإلمام بهذه المفردة، ونحاول أن ندعم وجهة نظرنا، حيث نجد في المعجم الوسيط: امتاز الشيء، تعني بدا فضله على مثله، والميز تعني الرفعة، أما في القاموس المحيط فنجد: استماز الشيء، أي فضل بعضه على بعض، لكن هناك تعريفاً آخر وضعه العالم التربوي رنزولي، حيث قال:«التميز تمتع الفرد بقدرات فوق المعدل العادي، والتمتع بالقدرات الإبداعية، وقدرات العمل والإنجاز». أما مكتب التربية الأمريكي فقد توقف أمام كلمة «التميز» في عام 1972م وقال: «الأفراد المتميزون، هم الأفراد المؤهلون بدرجة عالية، والذين يتميزون بدرجات عالية من الأداء». ويوجد تعريف آخر عن الفرد المتميز، وجاء فيه:«أنه صاحب الأداء العالي مقارنة مع المجموعة العمرية التي ينتمي إليها في قدرة أو أكثر».
وقد يعتقد البعض بأن هذه المفردة طارئة، أو أنها جديدة، وجاءت مع الحضارة البشرية الحديثة، ومثل هذا الاعتقاد غير صحيح، حيث ترجح كتب التاريخ أنه وجد في الحضارة اليونانية مبدأ قريب من مفردة التميز، تعني الملاءمة المتميزة للغرض حسب موقع ويكيبيديا الذي جاء فيه: أنه يظهر مثل هذا الجانب في أعمال أرسطو وهوميروس، فقد قال أرسطو ذات مرة:» نحن عبارة عما نفعله بشكل متكرر، وبالتالي، فإن التميز ليس إجراء، بل عادة «. وهناك مفهوم آخر ذات صلة، وهو يعني السعادة التي نجمت عن عيش الحياة بشكل جيد، والرفاهية والكمال، والمفهوم المقابل في الفلسفة الإسلامية يطلق عليه اسم الإحسان. وللحديث بقية…

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى