قضايا ودراسات

الثقافة الجمالية للمخطوط

يوسف أبولوز
في معرض «نفائس المخطوطات المغربية» المقام الآن في الشارقة بالتعاون بين وزارة الثقافة والاتصال في المملكة المغربية، وبين هيئة الشارقة للكتاب في الشارقة، نحن في فضاء بانورامي من المخطوطات وثقافتها الجمالية والروحية، والمخطوط في المغرب بوصفه عملاً فنياً هو «حامل معرفي كبير» كما جاء في «بروشور» المعرض.. والمخطوط ثروة «تشكيلية» من زاوية فنية أخرى، وإلى جانب ذلك، يتحول نساخ المخطوط إلى طاقة إبداعية عندما يحول النص القرآني أو الأدبي أو الفقهي أو التصوفي أو التاريخي إلى عمل فني بالغ الشفافية والجاذبية.

في المعرض، أيضاً، ثمة فضاء معرفي يتصل بذات الخط العربي الذي يلقى في الفعاليات الإماراتية الجمالية والفكرية والإبداعية كل عناية واهتمام يصل إلى التكريمات الرفيعة التي تذهب إلى رجال هذا الفن من مختلف دول العالم.
سنعاين في المعرض الكثير من الخطوط والمواد التي تتألف منها اللوحة الخطوطية أو (المخطوطة)، الأمر الذي يجذب المشاهد إلى نوع من البحث في خريطة الخط، وقراءة هذه الخريطة قراءة معرفية معمقة في وقت تتراجع فيه ثقافة المخطوط وتقاليده المعرفية والجمالية.
من الجميل أن يدربنا المعرض بصرياً وروحياً على فن قراءة اللوحة المخطوطة واستيعاب جزئياتها، وتعلم مفرداتها التكوينية التشكيلية.
في هذه الحال نمتلئ، على سبيل المثال، بالخط الكوفي المغربي القديم المكتوب على رق الغزال، والخط الأندلسي المبسوط على ما يسمى، في المعرض، الورق الشاطبي وردي اللون.
ثمة خطوط محلاة بالذهب والفضة، وثمة ورق ممزوج بالحرير، وبعد ذلك خطوط مكتوبة على ورق أوروبي، وورق إنجليزي، وما يسمى الورق الغربي.
نحن إذاً في قلب مهرجان من الخطوط والورق والأحبار والتشكيلات الحروفية بيد بشرية، وروح إنسانية صافية.
في هذا الجو الخطوطي الحروفي، وفي فضاء هذه التكوينات الوامضة بالنور ودفء القلب والروح، يتساءل المرء عن مستقبل المخطوط العربي اليوم أمام تحديين: ثقافة الكمبيوتر الذي ينتج مادته الخطية هو الآخر، والفرق في الكتابة اليومية على «الكي بورد» مع هجران متتالٍ للقلم والورق والحبر، مع هجران آخر للنص التراثي المرجعي، وبعث الطاقة الجمالية الكامنة فيه.
«المخطوط».. مادة جمالية راكزة في الذاكرة، وهو مفردة تراثية تحيل إلى الأصول والجذور في الثقافة العربية التي تستمد شروط بقائها في التاريخ وفي الجغرافية من عبقرية الإنسان الذي سوى من القلم والورق حضارة مدنية قادت العالم إلى النور.

y.abulouz@gmail.comOriginal Article

زر الذهاب إلى الأعلى