مقالات رياضية

الخفاش والتجربة الألمانية!

خالد الربيعان

كما نعلم جميعاً أن وباء كورونا المستجد، والذي جاء إلينا بصورة طبيعية بدون تدخل بشري.. من أحد الخفافيش.. قد عصف بالاقتصاد العالمي، ليس اقتصاد الرياضة فقط.. وليس اقتصاد كرة القدم تحديداً، لكنه – بشكل طبيعي/ غير متعمد- أجبر كوكب الأرض على الخضوع للغلق، والإجراءات الاحترازية، ثم الخسارة المالية، ثم الاقتراض والاستدانة.

قلنا من قبل أن الخسارة كانت أكثر من مليار يورو في الـ6 أشهر الأولى، لتقفز لاضعاف هذا الرقم بشكل غير معلن، وقبل ساعات أعلن المتصدر لبطولة الدوري الإنجليزي «الأغلى بقيمة 10 مليارات يورو»: مانشستر سيتي: أنه خسر 126 مليون باوند عن السنة المالية الأخيرة المنتهية في شهر 6.. هذا وهو أغنى الأندية.. دعك – عزيزي – من نادي البطاطا المقلية في موزمبيق: أفلس بالطبع وأقلق العالم الذي حوله وأصبح مصنعاً لإعادة تدوير قشور البطاطا.

في هذا المقال لنفترض أن الجميع أصبح في نقطة الصفر.. كيف نبدأ.. بالبحث وجدنا التجربة الألمانية لافتة من حيث أنها بدأت من اللا شيء، فكك الحلفاء المنتصرون جميع المنظمات الألمانية الناجحة ومنها منظومة كرة القدم والأندية أيضاً، الاتحاد الألماني من أقدم الاتحادات عالمياً، تم تأسيسه سنة 1900، في البداية نظموا بطولة دوري بدائية سموها أوبيرليج oberliga وكان نظامها نظام كؤوس أي بخروج المغلوب.

استمر هذا النظام حتى عام 63، ووقتها تم تغيير نظام الدوري ليصبح بشكله الحالي، لا يهمنا شكل الدوري بقدر خطة العمل نفسها حيث رابطة الدوري الألماني هناك تقوم كل فترة بإنشاء مذكرات استراتيجية يتم تنفيذها فوراً بحذافيرها، وكلها تدور حول «كيفية النهوض بالكرة الألمانية»، بالإضافة لذلك فإن إدارات التسويق والاستثمار تعمل بخطط قوية جداً داخل الأندية، كل منها يعمل لإنجاح ناديه بصفة مستقلة بغض النظر عن المنافسة أو موقع ناديه في سنة من السنوات.

الحكومة الألمانية كذلك ليست منفصلة عن العملية الرياضية بغض النظر عن أنها اقتصاد نافع للبلاد ولكن بالمقام الأول لهدف أن يكون هناك «نمط صحي للمعيشة» وقطاع عريض من الشعب يمارس الرياضة، بالبحث ستجد أول العبارات «تُعتبر المانيا من أقوى دول العالم في «صناعة كرة القدم»

مع الجانب الرياضي الحكومة تشجع الخصخصة ولكن بطريقة ذكية وتخدم الهدف القومي، فهناك قانون يحظر على أي فرد امتلاك أكثر من نصف أسهم النادي» كتلة غير مؤثرة في القرار الإداري – وهو قانون 50 + 1 الشهير، وهذا معناه أن الأجانب الأثرياء لا يمكنهم السيطرة على الأندية التاريخية التي تعد ثروة ألمانية ملك للشعب.

الهدف النهائي من «جميع البطولات» بكل الفئات السنية، رجالاً ونساء، هو: «المنتخب الوطني».. أصبح له طابع أداء مميز بشكل عام.. هو: الفريق.. لقب المنتخب الألماني هو Die Mannschaft أي الفريق وليس الماكينات، كأس عالم 4 مرات، عدد كبير من الميداليات الفضية والبرونزية، أداء قوي للغاية ذو نتائج مدوية أمام القوى العظمى في هذه الرياضة، البنية التحتية ثالث ركن، في 2001 ألزمت رابطة البوندزليجا جميع الأندية بإنشاء «أكاديميات كرة قدم» في كل ناد، لبناء مستقبل الكرة الألمانية، فكان حجم الاستثمار من الأندية على أكاديمياتها نصف مليار يورو بسنة واحدة وهي قيمة كبيرة في ذلك الوقت.

البث

قيمة البث التليفزيوني للبوندزليجا منذ 5 سنوات كانت 2.5 مليار يورو، وهو رقم رائع بالنسبة لنظام بيع حقوق البث، كان 2016 الدوري الوحيد الكبير في العالم الذي لا يحتكره أحد ليبثه، وهناك سلطة اسمها «سلطة مكافحة الاحتكار»، وهذا معناه أنك يمكن تسويق حقوق بثك التلفزيوني «الخاص بك» لألف محطة إذا أردت.

*نقلا عن الجزيرة السعودية

زر الذهاب إلى الأعلى