قضايا ودراسات

الدوحة ومنظومة «التعاون»

ابن الديرة

وجود هذه الدولة أو تلك ضمن هذه المنظومة أو تلك يعني، أولاً وبدهياً، التزام الدولة الأطر المنظمة والخطوط الحاكمة، وفي حالة قطر ومجلس التعاون يجد المتابع العجب العجاب من تصرفات قطر الطائشة المخالفة لأبسط أنظمة ومواثيق المجلس، فإساءات الدوحة إلى شقيقات التعاون لا تنقطع أو تهدأ، وتطاول قطر وأزلامها على رموز وقيادات وشعوب شقيقات التعاون مستمر وفق منهج مدروس ومخطط له من جهة، ومن جهة ثانية وفق فلتان يوحي بعدم السيطرة وكأن أبواق قطر الإعلامية تنتمي إلى دولة فاشلة، وبين أزمة العام 2014 وأزمة هذا العام ظلت قطر على عادتها في تأجيج «الشرخ» الحاصل «وصب الزيت على النار»، ومحاولة تضخيم مستصغر الشرر حتى ينتج الحرائق وأدوات الموت. كل ذلك والدوحة ماضية في تقمص دور المظلوم المغلوب على أمره، فكل الدنيا على خطأ وهي وحدها على صواب، فلا مجال أبداً للتراجع والاعتذار، فقطر «معصومة ومنزهة عن الخطأ».
لا يجوز لعضو في «التعاون» أن يكرس كل جهده في عرقلة مسيرة» التعاون «وتخريب سفينته»، شأنه في ذلك شأن شريك السفينة الذي يخرق نصيبه منها معرضاً كل السفينة للغرق. قطر تفعل هذا وأكثر منه حينما تسيء إلى قيم الأخوة والجيرة، فتتحالف مع أعداء المنطقة كإيران والحوثي وما يسمى حزب الله وتنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي وتنظيمي «داعش» والقاعدة، وحين تتدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها وشقيقاتها في «التعاون»، دولة الإمارات والسعودية والبحرين، وشقيقاتها العربيات، خصوصاً مصر، فقد امتدت يد العبث القطري إلى القطيف والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وامتدت شرور قطر إلى مملكة البحرين نحو دعم الإانقلابيين المنتمين لإيران ونظرية الولي الفقيه، ولعبت على وتر الفتنة الطائفية في العراق، كما لعبت الدوحة دوراً مزدوجاً وملتبساً في اليمن، فتعاونت مع الحوثي والمخلوع، وعملت ضد جهود التحالف العربي، خصوصاً السعودية والإمارات، غير مكترثة، وَيا للمفارقة بتضحيات ودماء الشهداء.
مطامع الدولة الصغيرة مثلها، وعلى قدها، صغيرة، وإن حاولت لعب دور كبير كالكبار، فهذا الدور لا يناسبها ويبدو فضفاضاً. لذلك ينكشف مستور قطر اليوم إلى هذا الحد، لكن المصيبة، فرق ذلك كله، أن الدولة الصغيرة لا تستحي، وإذا لم تستح فاصنع ما شئت.
ويبدو إن التفاهم مع قيادة قطر غير ممكن لأنها لا تريد أن تفهم، وربما لأنها لا تفهم أصلاً، فلا تذهب قيادة تمتلك ذرة من الحكمة والعقل بوطنها ومنطقتها إلى هذا الطريق المسدود، رافضة كل الرفض الرجوع عن أخطائها القاتلة، والعودة إلى الحق الواضح، الحق الذي تعهدته في مواقف ومحافل متعددة، ثم نسيته وكأنه لم يكن، ولم تتذكر سوى أنصارها، المنتمين، في الوقت نفسه، إلى قوائم الخزي والعار.
وكنا في مرحلة من المراحل، في الزمن الجميل، في عهد الآباء المؤسسين، رحمهم الله تعالى، وفيهم أمير قطر الأسبق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، الذي انقلب عليه ولده الأمير السابق، والد تميم، نعيش تحت مظلة العمل المشترك المطوق بالمحبة من كل صوب، فأليس فيكم يا قيادة قطر رجل رشيد؟

ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى