الريال يتلحف بالذهب
تتوجه للمملكة لزيادة وزن الذهب ضمن احتياطاتها الدولية، التي تتكون من أصول أجنبية عالية السيولة تشمل النقد الأجنبي والذهب وحقوق السحب الخاص لدى صندوق النقد الدولي والودائع والاستثمارات في أوراق مالية في الخارج، فحسب تقرير لمنصة «موني ميتالز» لتداول المعدن الأصفر، فإن المملكة اشترت 160 طنا من الذهب منذ عام 2022.
وهذا التوجه سوف تكون له نتائج إيجابية، فزيادة وزن الغطاء الذهبي لعملة بلدنا سوف تعزز من قوته القوية أصلاً، فالريال من العملات النادرة المغطية بشكل كامل بالذهب سواء الأسود منه أو الأصفر. فتنوع الغطاء الذهبي وزيادة اللون الأصفر فيه سوف تبعده عن تقلبات اللون الأسود، أو ما يعرف بالبترودولار.
إن العملية تصبح، والحالة تلك، كما لو أننا صرنا نبيع نفطنا بالدولار من جهة والذهب من جهة أخرى وذلك على الرغم من أن العملية الأخيرة تتم بشكل غير مباشر. أي أننا نبيع النفط بالدولار أولاً، ومن ثم نستخدم هذه الدولارات لتعزيز اللحاف الذهبي الذي يتغطى به ريالنا.
وهذا الإجراء ينسجم مع المرحلة التي يمر بها النظام المالي العالمي الذي هو جزء من النظام العالمي الذي يتوجه، مثلما نلاحظ، ليصبح متعدد الأقطاب، ففي هذه المرحلة الانتقالية، من الطبيعي أن تسعى بلدان العالم لتعزيز احتياطاتها الدولية وتنويع الغطاء الذي تتلحف به عملاتها.
إن هذا التوجه سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى ولادة نظام مالي عالمي جديد، أكثر ثبات وقوة من النظام الحالي، الذي أصبح التضخم أبرز ملامحه، نتيجة توجه الدول المصدرة للعملات الرئيسة إلى طباعتها دون ضوابط صارمة تحفظ حقوق جميع المشاركين في العملية الاقتصادية في كافة أنحاء العالم.
إن تعدد غطاء عملات البلدان وزيادة وزن الذهب فيها من شأن -إذا ما تم على النطاق العالمي- أن يحد من الأثر الذي تتركه طباعة النقود غير المنضبطة والتي تؤدي إلى التضخم في السوق العالمية، عبر قناة التجارة الخارجية التي يتم من خلالها تصدير الأوراق النقدية الفائضة، فأنا أذكر ردي على سؤال إحدى الفتيات في الجامعة في النصف الثاني من سبعينات القرن المنصرم عن أسعار السيارات في المملكة: بالفعل فقد كان سعر نيسان 9 آلاف ريال، والكابرس 26 ألف ريال، والبيوك 29 ألف ريال، كذلك، فإن المتابعين لمذكرات الوزير والدبلوماسي البارز جميل الحجيلان، يلاحظ أن راتبه، عندما تم تعيينه ملحقاً دبلوماسياًً في مقر وزارة الخارجية بجدة عام 1951، كان قدره 385 ريالا. وهذا المبلغ كان حينها مجزياً.
فهذه الرواتب غير موجودة اليوم، لأن القدرة الشرائية للريال لم تعد كما كانت في السابق، فالمملكة بعد فك ارتباط الدولار بالذهب، أصبحت تحصل مقابل النفط الذي تبيعه على دولارات قيمتها الشرائية أقل من الدولارات التي كانت مغطية بالذهب، فسعر أوقية الذهب عام 1970 كان 36 دولاراً، في حين أن سعرها اليوم هو 2670 دولاراً.
نقلاً عن “الرياض“