قضايا ودراسات

السكان الأصليون في إفريقيا مهدّدون

باهر كمال

يواجه السكان الأصليون وثقافاتهم في إفريقيا تهديدات خطيرة لبقائهم. هؤلاء السكان هم اليوم موضع تجاهل وإهمال، وقد أصبحوا ضحايا لشركات الأعمال الزراعية والصناعية الكبرى، التي أخذت تجرّدهم من أراضيهم وممتلكاتهم.
يؤكد ذلك تقرير «عالم السكان الأصليين 2017»، حول حالة السكان الأصليين في العالم، الذي صدر بمناسبة الذكرى العاشرة للإعلان الدولي، الذي أصدرته الأمم المتحدة حول حقوق السكان الأصليين. وبالتزامن مع هذه الذكرى، عقد منتدى الأمم المتحدة الدائم حول شؤون السكان الأصليين اجتماعه السنوي، الذي أكد في ختامه أنه على الرغم من تحقيق تقدم، إلا أنه لا تزال هناك تحديات كبرى تواجه الشعوب الأصلية في إفريقيا.
وإفريقيا هي موطن شعوب أصلية تقدّر أعدادها بحوالي 50 مليوناً، من بين مجموع السكان الأصليين في العالم، البالغ عددهم حوالي 270 مليوناً. وهناك تجمعات كبيرة منهم في شمال إفريقيا، حيث يعيش الأمازيغ (أو البربر). وفي غرب إفريقيا، هناك مجموعات سكانية كبيرة من سكان رعويين في بلدان مثل النيجر، ومالي، وبوركينا فاسو، والكاميرون وغيرها. وهناك أيضاً تجمعات كبيرة لسكان أصليين في شرق إفريقيا، حيث يعيش سكان رعويّون في بلدان مثل إثيوبيا، وكينيا، وأوغندا، وتنزانيا. كما يوجد سكان أصليون يعيشون على الصيد وجمع الغذاء في بلدان كثيرة وسط وجنوب القارة الإفريقية، ولو أن أعدادهم تقل عن أعداد المجموعات الرعوية.
وتقول مجموعة العمل الدولية حول شؤون السكان الأصليين، المنبثقة عن منتدى الأمم المتحدة الدائم حول شؤون السكان الأصليين، إنه في عدة دول إفريقية، لا يزال يتعين الاعتراف بشعوب أصلية تعيش في هذه الدول. كما تشير مجموعة العمل إلى أن سياسات عدد من البلدان الإفريقية، لا تزال تُحدد على أساس حجج تقول إن جميع الأفارقة هم سكان أصليون، وإن مفهوم «الشعوب الأصلية» غير دستوري ويثير انقسامات.
وقالت مجموعة العمل الدولية في تقرير إن عمليات استيلاء واسعة النطاق على أراضي السكان الأصليين، لا تزال تشكّل تحدياً كبيراً في عدة بلدان إفريقية. كما أشارت إلى أن المشاريع العالمية لاستخراج المواد الخام، والزراعة على نطاق صناعي واسع، وتنفيذ مشاريع بنى تحتية ضخمة، كل ذلك يدفع بالسكان الأصليين إلى حدودهم الأخيرة. وفي حالات متعددة أدت توترات مع سكان أصليين في نزاعات مكشوفة، إلى مقتل أشخاص. وبهذا الخصوص، وجهت اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، نداءات عاجلة إلى عدد من الحكومات الإفريقية، حول انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان يتعرض لها سكان أصليون.
وتقول ماريان ويبن يانسن، مستشارة مجموعة العمل الدولية حول شؤون السكان الأصليين، إن هؤلاء السكان هم اليوم ضحايا عمليات استيلاء على أراضيهم، نتيجة لتوسع أعمال صناعات المناجم، والزراعة على نطاق صناعي، وأنشطة أعمال أخرى، «وهذا يؤدي إلى أعمال طرد بالقوة وأشكال أخرى من انتهاكات حقوق الإنسان».
وقالت أيضاً إن السكان الأصليين في إفريقيا «مهمشون اقتصادياً وسياسياً، ولهذا لديهم فقط إمكانات محدودة جداً للتعبير عن تظلّماتهم، والمشاركة في تقرير مستقبلهم».
وعلى الرغم من كل ذلك، أشارت يانسن إلى أن السكان الأصليين في إفريقيا، أثبتوا قدرتهم على التكيف. ومع أنهم لا يحصلون على أي دعم من حكومات بلدانهم، إلا أنهم لا يزالون يتشبّثون بما تبقى من أراضيهم، وينجحون في البقاء في بيئات قاسية جداً، وحتى وحشية، معتمدين في ذلك على معرفتهم بالطبيعة وعلى موارد طبيعية، «وكل ذلك يحدث وسط معدلات عنف وتمييز تثير قلق المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم».

صحفي إسباني مصري يعمل مستشاراً لدى وكالة أنباء «إنتر برس سرفيس» (آي بي اس)


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى