قضايا ودراسات

السلاح السري للانتصار

يونس السيد
لم يكن ثمة من بديل آخر.. إما الانتصار وإما الشهادة.. منذ البداية، وفي 17 أبريل/نيسان الماضي، عندما قرر الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، خوض معركة «الحرية والكرامة» بالإضراب المفتوح عن الطعام، كانوا يدركون أن «الأمعاء الخاوية» أقوى من جبروت السجان وسياط الجلاد، وأنها ستنتصر في نهاية المطاف كما انتصرت من قبل.
ليست المرة الأولى التي تخوض فيها الحركة الوطنية الأسيرة معارك من هذا النوع في سجون الاحتلال وتنتصر، فقد سبق أن خاضت عشرات المعارك على غرار معركة «الحرية والكرامة» وانتصرت فيها وحققت إنجازات مهمة في مجال القضايا المطلبية والحياتية، لكن هذه الإنجازات غالباً ما كانت تنقلب عليها إدارة سجون الاحتلال، كلما شعرت بضعف الموقف الفلسطيني العام، لكن هذا الانقلاب دائماً ما كان يواجه بالتخطيط لمعركة جديدة لاستعادة الإنجازات السابقة وتثبيت حقوق الأسرى ومطالبهم المشروعة التي كفلتها القوانين الدولية، وفي مقدمتها اتفاقيات جنيف المعنية بتنظيم العلاقة بين الاحتلال والأراضي المحتلة.
نجح الأسرى المضربون في انتزاع بعض حقوقهم، بعد أربعين يوماً من الصراع غير المتكافئ مع سلطات الاحتلال، وبعد 20 ساعة من المفاوضات جرت في سجن عسقلان مع قادة الإضراب وفي مقدمتهم القيادي مروان البرغوثي، الذي كانت سلطة الاحتلال ترفض التفاوض معه طوال هذه الفترة، بل صبت جام حقدها وغضبها عليه ومارست بحقه كل ألوان وصنوف التعذيب والتنكيل، وراحت تنقله من عزل انفرادي إلى عزل مماثل في سجن آخر، ليتم نقله إلى المستشفى في نهاية المطاف، ولكنها في النهاية رضخت واضطرت لمفاوضته بحضور اللجنة القيادية للإضراب. وفي الخارج، لم تفلح الدبلوماسية الصهيونية التي سعت إلى تشويه صورة الأسرى في الساحة الدولية، وتصوير الإضراب على أنه معركة داخلية فلسطينية، وأن السلطة لا تؤيده وتنسق معها في محاولة لإنهائه.. كل هذه المحاولات البائسة ذهبت أدراج الرياح بسبب صمود الأسرى وروح المقاومة، وتنحية الخلافات جانباً، والإصرار على المضي قدماً بالإضراب حتى النصر أو الشهادة.
قد يكون هذا هو السلاح السري الذي أعطى الانتصار للأسرى المضربين، وأثبت تفوق وعلو كعب الحركة الأسيرة في كل المعارك المماثلة، لكن المؤسف أن القيادة الفلسطينية لا تزال تتعامل مع حياة آلاف الأسرى في سجون الاحتلال كموضوع مؤجل دائماً إلى هوامش مفاوضات التسوية، من دون أي تحرك جدي يجعل من قضية الأسرى عاملاً ضاغطاً على أجندة كل المجتمع الدولي، أو على الأقل، دفعه للاعتراف بهم كأسرى حرب، إن لم تتمكن من إطلاق سراحهم.

younis898@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى