قضايا ودراسات

الضغط على الشهادات العليا

شيماء المرزوقي

إذا كان العلماء باتوا اليوم يفرقون بين عملية التعليم والمعرفة، بل باتوا يعتبرون التعليم عملية روتينية إذا صح التعبير، أو كما يقال تحصيل حاصل، وأن التحدي الحقيقي هو تحدي المعرفة، فإن هذا يوضح لنا عدة جوانب ونقاط جوهرية، على سبيل المثال أن الشهادات العلمية العليا في مجال ما، لم تعد دقيقة أو لم تعد بذات الأهمية، لأن حصول فرد ما على شهادة الدكتوراه في مجال علمي محدد لا يعني بالضرورة تفوقه أو تميزه وإبداعه عندما يتقلد وظيفة ما.
وفي اللحظة نفسها فإن الضغط على الشهادات العلمية يتزايد يوما بعد يوم، وأقصد تحديداً الضغط السلبي في النظرة لها، وهل مازالت قياساً مناسباً للتميز والإبداع، أم أنها فقدت هذه المكانة أو في طريقها نحو الهبوط التدريجي.
يوضح مثل هذا الواقع عدة مشاهدات من الحياة الواقعية التي نعيشها، فقد بات الحصول على الشهادة العلمية العليا مثل الماجستير أو الدكتوراه أو الأدنى منها أمراً ميسوراً، ولم يعد تحدياً جسيماً، وباتت الكثير من الدول لديها جامعات تقدم مختلف الشهادات العلمية، بل الأهم أنه بات التعليم الإلكتروني أو ما يعرف بالتعلم عن بعد، واقعاً وتقدمه الكثير من الجامعات، وفي الحقيقة فإن هذا النوع من التعليم تحديداً، جاء لتحقيق متطلبات التطور التكنولوجي واستجابة لعصر الاتصالات وتقنياتها المتطورة، ولكنها جامعات قليلة في العالم من تولي التعليم عن بعد العناية والاهتمام، وبالتالي تكون شهاداتها على درجة عالية من المصداقية والقوة.
قرأت قبل فترة من الزمن أن الحاصلين على شهادات الدكتوراه في العالم في تزايد كبير، وأن رواتب هؤلاء الذين يحملون شهادات عليا باتت تثقل كاهل الكثير من قطاعات العمل، وأننا سنلحظ في القريب أن هناك إعلانات عن وظائف يتقدم لها أناس يحملون شهادات عليا، ورغم هذا لا يتم اختيارهم، وإنما يتم اختيار موظفين أقل من حيث الشهادة العلمية التي يحملونها، والسبب أن قطاعات العمل باتت تركز على الموظفين الذين لديهم شهادات تقنية تحديداً لأنهم عادة يكونون مؤهلين للعمل في أي مجال إداري أو تقني، وأن هؤلاء هم من يزيد الإنتاج، بسبب حماسهم للترقية والتطوير والسعي للصعود في سلم العمل بالمزيد من المعرفة، أما من يحملون شهادات عليا، فعادة يكون حماسهم أقل رغم مرتباتهم المرتفعة.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى