قضايا ودراسات

العودة إلى الخنادق

فيصل عابدون
برزت المخاوف السوداء مجدداً حول مستقبل الأوضاع في سوريا مع اقتراب نهاية تنظيم داعش واختفائه عن المشهد. وتحدث محللون عن انفجار صراع جديد أشد وطأة بين قوى متناقضة كانت تحارب في جبهة واحدة ضد التنظيم بينما عبر آخرون عن مخاوف من خطر تقسيم بات مؤكداً.
لقد بدأ طور جديد في الأزمة السورية بلا شك وبدأت مؤشراته تظهر للعيان مع اختلافات القوى وتسابقها نحو جني المكاسب وتوسيع مناطق نفوذ على الأرض واكتساب مبادآت سياسية وعسكرية تجعلها في موقف تفاوضي أفضل.
ويمثل وجود القوات الكردية متمثلة في «قوات سوريا الديمقراطية»، مركز الصراع القادم بين المتصارعين. وخلال الأيام القليلة الماضية أطلقت قوى على جانبي الصراع تصريحات أشعلت الساحة السياسية ومهدت لخطوات لا يدرك أحد المدى الذي ستمضي إليه الأمور.
تحدث قادة من مختلف التيارات عن دولة كردية قادمة وعبر الأمريكيون عن مخاوف من احتمالات نشوب اقتتال عربي كردي في سوريا، لكنهم بالتزامن مع ذلك أعلنوا استمرار دعمهم للحليف الكردي حتى بعد انتهاء الحرب على «داعش»، وعبروا عن ذلك عملياً بإسقاط مقاتلة للنظام قصفت مواقع الديمقراطية في سوريا، في سابقة لا مثيل لها منذ بدء النزاع، كما أنهم أطلقوا اتهامات جديدة حول أسلحة كيميائية يملكها النظام.
التصريحات أزعجت قوى مختلفة سارعت بالتعبير عن مواقفها الرافضة. فتركيا التي عارضت منذ البداية دخول القوات الكردية إلى ساحة الصراع وعارضت تسليحها وسعت إلى إبعادها والقضاء عليها، رفضت الموقف الداعي إلى تعزيز وجودها بعد انتهاء مهمة التحالف المناهض للإرهاب. وبالنسبة لتركيا ومثلها إيران فإن إعلان دولة كردية في سوريا يعني تجدد المطالب الاستقلالية للأكراد في الدولتين بشكل أكثر عنفاً.
روسيا القوة الكبرى الثانية أيضاً عبرت عن رفضها للموقف الأمريكي الذي تعتبره يستهدف النظام ويسعى لتحويل اتجاه العمليات العسكرية صوب دمشق، بعد سقوط تنظيم «داعش» واقتراب نهايته المحتومة.
القوى السياسية اليوم في حالة تأهب وهي تسعى لرسم خريطة جديدة للصراع وتنظيم تحالفات تساعدها في البقاء واكتساب القوة وتحقيق انتصارات. ويقول المحلل الاستراتيجي لصحيفة الموندو الإسبانية إن تطورات الحرب الأخيرة، ونجاح مختلف هذه الأطراف في تحقيق مكاسب على حساب تنظيم «داعش»، جعلها تقترب من بعضها البعض جغرافياً، لتصبح المواجهة بينها أمراً محتوماً.
من جانبها وضعت صحيفة «تسايت» الألمانية سيناريو مغايراً أشارت من خلاله إلى أن الصراع بغية تقسيم سوريا قد بدأ للتو. وقد بات هذا السيناريو مصير سوريا الذي لا مفر منه، حيث سيتمكن النظام من الظفر بحلب وحماة وحمص ودمشق والساحل الغربي، فيما يبقى الغموض يحيط بمصير المنطقة الشرقية.

Shiraz982003@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى