الغرب يرفض معاهدة الحظر النووي
ليس مما يدعو للدهشة أن تكون القوى الغربية الثلاث (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) قد امتنعت عن المشاركة في المفاوضات التي أجرتها أكثرية دول العالم في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي أدت إلى تبني معاهدة دولية لتحريم الأسلحة النووية. واتّحدت هذه القوى الثلاث في تحديها المكشوف للمعاهدة الجديدة.
وقد أصدرت الدول الثلاث بياناً مشتركاً يوم 7 يوليو/ تموز، اليوم ذاته الذي تبنّت الأمم المتحدة فيه معاهدة الحظر الجديدة، أعلنت فيه: «نحن لا نعتزم التوقيع، أو المصادقة على، أو أن نصبح طرفاً فيها» (المعاهدة). وهذا موقف غريب. فبدلاً من دعم البلدان التي وحدت جهودها من أجل صياغة وإقرار المعاهدة، جادلت الدول الثلاث بأن «هذه المبادرة تتجاهل وقائع البيئة الأمنية الدولية». وبدلاً من أن تضطلع الدول الغربية الثلاث بدور قيادي في المفاوضات، فقد قاطعت هذه المفاوضات، واحتجت على إجرائها، ورفضت المعاهدة التي أثمرتها المفاوضات، والتي فرضت حظراً شاملاً على الأسلحة النووية. وبذلك تكون قد اختارت العجرفة بدلاً من الحكمة، والقوة بدلاً من الحق.
وقد بنت القوى الثلاث معارضتها على أساس اعتقادها بأن هذه المعاهدة «تتعارض مع سياسة الردع النووي التي كانت أساسية من أجل صون السلام في أوروبا وشمال آسيا على مدى أكثر من 70 سنة». ولكن آخرين لا بد أن يختلفوا مع هذا الاستنتاج ويقولوا إن السلام في أوروبا وشمال آسيا قد تم صونه ليس نتيجة للردع النووي، وإنما رغماً عنه.
وفي بيانها المشترك، اعتبرت الدول الثلاث أن «هذه المعاهدة لا تقدم أي حل للتهديد الخطير الذي يشكله البرنامج النووي لكوريا الشمالية، كما أنها لا تتصدى لتحديات أمنية أخرى تجعل الردع النووي لازماً». ولكن بالنسبة للدول التي تبنّت معاهدة الحظر النووي، كوريا الشمالية ليست سوى دولة واحدة فقط من بين تسع دول تقوض الأمن الدولي من خلال اعتمادها على الأسلحة النووية كركيزة لأمنها القومي. أوليس من المدهش والنفاق أن تنظر الدول المتشبثة بالأسلحة النووية والردع النووي إلى الترسانة النووية الصغيرة لكوريا الشمالية؛ باعتبارها قوة عدوانية وليس قوة رادعة؟.
وفي بيانها المشترك، كررت الدول الثلاث التزامها بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية (الموقعة في 1968)، إلا أنها تجاهلت التزامها بموجب هذه المعاهدة ذاتها بالتفاوض بحسن نية من أجل وقف سباق التسلح النووي ونزع الأسلحة النووية. والمفاوضات التي أدت إلى معاهدة الحظر الجديدة استندت أساساً إلى تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. وهذا يعني أن الدول الثلاث، بامتناعها عن المشاركة في مفاوضات الأمم المتحدة حول المعاهدة الجديدة، إنما خرقت التزامها بموجب معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. وهذا يقوض حجج بيانها المشترك.
ولو كانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مهتمة حقاً بإرساء «السلام والاستقرار والأمن في العالم» كما ادّعت في بيانها المشترك، لكانت تسعى بكل الطرق الممكنة إلى إزالة الأسلحة النووية من العالم بدلاً من تطبيق برامج ضخمة باهظة التكاليف من أجل تحديث أسلحتها النووية وتعزيز قدراتها النووية في العقود المقبلة.
إن هذه الدول الثلاث المسلحة نووياً، وكذلك الدول الست الأخرى المسلحة نووياً، تواصل جميعها الاعتماد على الأسلحة النووية بذريعة «الردع النووي». وبذلك تستمر هذه الدول في المخاطرة بتدمير الحضارة، أو بما هو أسوأ.
يشار إلى أن المعاهدة الجديدة سوف تفتح لتوقيع الدول اعتباراً من سبتمبر/ أيلول 2017، وتصبح سارية المفعول عندما تصادق عليها 50 دولة على الأقل.
ديفيد كريجر
رئيس «مؤسسة سلام العصر النووي» التي تجمع منظمات أهلية ونشطاء عبر العالم من أجل إزالة الأسلحة النووية.
موقع «كاونتر بانش»