الغلبة ليست لجدول الضرب
عبد اللطيف الزبيدي
هل صارت القضايا بضائع في سوق بها تنزيلات ومناقصات ومزايدات؟ قيل إن الرئيس ترامب عرض على الفلسطينيين جدول بيع وشراء: تعطون كذا وتأخذون كذا، وتخرجون من دماغكم مسألتي عودة اللاجئين، والقدس الشرقية كعاصمة. الحل الضمنيّ: سيبقي الشتات الفلسطيني حيث هو، أو نوجد لهم وطناً بتمزيق دول معينة.
يقيناً، ليس من مصلحة الأنظمة العربية أن تورط سياساتها في مآزق تاريخيّة. من رأى التطبيع يخدم مصلحته فلا يجعله على صلة بالقضية الفلسطينية. الخطة تهدف إلى نصب فخ للأنظمة، يوقعها في مناقضة شعوبها. مشكوك في حكمة اتخاذ قرارات لا تقبلها الجماهير. استفتوها، لأن صفقات من هذا النوع ستظل مؤقتة ولو وافقت عليها دول العالم كله، وجلبوا لها إمضاءات من المجرّات الأخرى. حين تتغير موازين القوى لا يصح إلا الصحيح. على الأنظمة ألا تقف في الزاوية الخطأ من التاريخ، حتى تحظى بكلمة طيبة في سجل وقائع الأيام، وحتى يفخر القادمون بالمغادرين.
بإيجاز: تبيعني أرضك التي لم أبق لك منها إلا قطعاً متناثرة، ولا أسمح لك برسم حدودها، وأهلك المشرّدون لا يعودون إليها، ولا يحق لك امتلاك سلاح للدفاع عن حياتك ووجود ذويك، وعلى أقاربك في الأراضي الأخرى أن يباركوا أفعالي بفتح أسواقهم لشركاتي .«تو ماتش». «قسمة ضيزى». نفهم جيداً أن النظام العربيّ يتحلى بميراث عريق من فضائل الصبر، جعل صبر أيوب طرفة عين في مليون سنة ضوئية. لكن من الحكمة أن يدرك أيضاً أن الشباب العربيّ اليوم غير شباب القرون الغابرة، بدليل أن القضية الفلسطينية خرجت إلى السطح وتنفست تنفس الحوت الأزرق. جاريد كوشنر وترامب يتوهمان أنها سمكة سردين.لا بأس أيضاً بمعرفة أن الأفعى التي أعدها الجبابرة لابتلاع أوطان العرب، تحولت إلى حبل يلتف على عنق الصهيونية الغاصبة. الأغبياء لم يتصوروا المشهد في يوم من الأيام، «واحنا لسّه في أول يوم». مع فلسفة التاريخ لا تستطيع أيّ تجارة عبقرية أن تفوز بصفقة عديمة الحق والعدل والإنسانية. كل من يقف إلى جانب الباطل خاسر في النهاية. هذه ليست معايير مواعظ أخلاقية، فهذا هو القانون الاستراتيجيّ الأعلى. من هو في عجلة من أمره سينطح صخرة الحق في خاتمة المطاف. فلتعد العقول إلى رشدها حفاظاً على أمن الأوطان.
لزوم ما يلزم: النتيجة الحسابية: على العقل العربيّ أن يدرك أن معادلات التاريخ غير قائمة على جدول الضرب.
abuzzabaed@gmail.com