قضايا ودراسات

المحيطات في خطر

ثارانجا ياكوبيتاجي

قال متحدثون في افتتاح مؤتمر دولي على مستوى عالٍ للأمم المتحدة إن صحة المحيطات تزداد سوءاً بسبب التلوث وإن هذا التدهور يجب عكسه.
في الخامس من يونيو/ حزيران الماضي، تجمع حوالي 5000 ممثل للحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص من كل أنحاء العالم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك للمشاركة في أول مؤتمر حول المحيطات تعقده المنظمة الدولية. وهدف المؤتمر، الذي استمر حتى 9 يونيو/ حزيران، كان التصدي للمشكلات التي تضرب المحيطات وتعبئة المجتمع الدولي من أجل القيام بعمل.
وقال الأمين العام للمنظمة أنطونيو جوتيريس في جلسة الافتتاح إن «صحة محيطاتنا وبحارنا مرتبطة بصورة لا تنفصم بصحة كوكبنا وبكل حياة على الأرض».
غير أن المحيطات أصبحت معرضة لأخطار نتيجة للأنشطة الإنسانية. وقال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة (ممثل فيجي) بيتر تومسون «نحن هنا بالنيابة عن البشرية من أجل إعادة الاستدامة، والتوازن، والاحترام في علاقتنا مع المصدر الأول لكل حياة، المحيط، وقد آن الأوان لكي نصحح أعمالنا الخاطئة».
ومن بين المسائل الملحة التي ناقشها المؤتمر مسألة التلوث البحري، علماً بأن معظم هذا التلوث يأتي من اللدائن (البلاستيك). وفي الوقت الراهن، تعوم على سطح المحيطات أكثر من 5 تريليونات قطعة بلاستيكية تزن أكثر من 260 ألف طن. وهذا الرقم تقديري، ويمكن أن يكون أقل من الواقع. وأكثر من 80 % من هذه اللدائن التي تلقى في المحيطات يأتي من البر. وبسبب تيارات المحيط، تتراكم هذه النفايات في ما يسميه العلماء «رقع نفايات» توجد في كل محيط على كوكبنا. وأكبر هذه «الرقع» هي «رقعة النفايات الكبرى في المحيط الهادي»، التي تقع بين كاليفورنيا وهاواي والتي تقدر مساحتها بحدود مليون كم مربع.
وقال رئيس الجمعية العامة تومسون «إنه لأمر لا يغتفر أن يلقى ما يعادل حمولة شاحنة نفايات كبيرة من البلاستيك في المحيطات كل دقيقة. لقد تسببنا بوبال من البلاستيك في المحيطات يدنس الطبيعة بطرق مأساوية عديدة».
واللدائن التي تنتهي في المحيطات لا تعوم بشكل غير مؤذٍ، وإنما هي تتسبب بعواقب على مدى طويل للصحة البشرية والحيوانية. وفي الكلمة التي ألقاها أمام المؤتمر وزير المناخ النرويجي فيدار هلجسن، أشار إلى حالة حوت ميت جرفته الأمواج إلى شاطئ نرويجي في وقت سابق من هذا العام، وتبين أن معدته لم تكن تحوي شيئاً سوى 30 كيساً بلاستيكياً.
والبلاستيك يطلق أيضاً عناصر سمية عندما يبتلعه كائن حي، وهذه العناصر تتسبب بأضرار للصحة التناسلية للعديد من أنواع الأسماك. ولاحظ المدير العام لبرنامج البيئة الإقليمي في منطقة المحيط الهادي كوسي لاتو (من دولة ساموا في المحيط الهادي) أن عناصر بلاستيكية وجدت في 97% من أنواع أسماك أخضعت لأبحاث علمية في منطقة الهادي وحدها.
ويتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي أنه بحلول العام 2050، من الممكن أن تصبح المحيطات تحوي لدائن أكثر من الأسماك، إذا ما استمرت الوتيرة الحالية لتلوث المحيطات.
وتظهر أبحاث علمية أيضاً أن هناك بشراً في أصقاع مختلفة من العالم أصبحوا يتناولون لدائن أكثر مما يتناولون مأكولات بحرية. وقد اشترى باحثون أسماكاً من أسواق في إندونيسيا والولايات المتحدة، فوجدوا أن كل واحدة من بين 4 أسماك تحوي بلاستيكاً في أحشائها. ويقدر باحثون أوروبيون أن من الممكن أن يتناول أوروبيون عناصر بلاستيكية سمية من خلال تناول الأسماك.
ومع أن الأبحاث في هذا المجال لا تزال في بداياتها، إلا أن دراسات أظهرت أن مواد بلاستيكية يتناولها البشر يمكن أن تكون سمية، وأن تزيد خطر ظهور مشكلات صحية مثل السرطان.
وقد كان من الطبيعي أن يدعو المتحدثون في مؤتمر الأمم المتحدة إلى القيام بعمل عاجل من أجل تخفيف، بل منع، التلوث البحري. وعرضت دول خلال المؤتمر خططها من أجل التعامل مع هذه المشكلة. كما أن منظمات المجتمع المدني وممثلي القطاع الخاص تعهدوا باتخاذ إجراءات فعالة لتنظيف المحيطات والحد من تلوثها. وقال رئيس الجمعية العامة تومسون: «هذا هو العام الذي يجب أن نتوقف فيه عن السرقة من مستقبل أحفادنا».

كاتبة لدى موقع وكالة «إنتر برس سرفيس» –
موقع الوكالة «آي بي إس»


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى