قضايا ودراسات

المسلمون الأمريكيون يتصدون للإسلاموفوبيا

إميلي كوري
يواجه المسلمون الأمريكيون تحديات خطيرة، ولكنهم أيضاً متحفّزون بشكل متزايد لمواجهتها والتصدي لها.
كان العام الماضي صعباً بالنسبة للمسلمين الأمريكيين، ففي دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث في يوليو/‏تموز، أفاد 48% من المسلمين بأنهم تعرضوا لحادث تمييز واحد على الأقل في الأشهر ال12 الماضية. ووجد مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية وغيره من المنظمات المدافعة عن المسلمين، أن هذه الاتجاهات ازدادت كثافة بوجه خاص، خلال الحملات الانتخابية عام 2016 والأشهر الأولى من رئاسة ترامب.
وعلى الرغم من أن استطلاع مركز بيو، يبيّن أن الأمريكيين اليوم، يُبدون مشاعر تجاه المسلمين أكثر دفئاً مما كانت عليه عام 2014، فإن المسلمين لا يزالون الجماعة الدينية الأولى، من حيث التقييم السلبي لها، يليهم في ذلك الملحدون. وفي الواقع فإن حوالي نصف الأمريكيين (49%) يعتقدون أن «بعض» الأميركيين المسلمين على الأقل، مناهضون للولايات المتحدة.
وباعتباري باحثة في الدين والسياسة، درستُ كيف استطاعت المنظمات المدافعة عن المسلمين في الولايات المتحدة، تحقيق تقدّم في اندماج المجتمع المسلم في أمريكا. ويذكّرنا عملها بأن الأقليات في الولايات المتحدة، لا تزال تكافح من أجل نيل الحقوق المدنية.
ويبدو أن ارتفاع وتيرة المشاعر المعادية للمسلمين، وجرائم الكراهية ضدّهم، مرتبطة بالدورات الانتخابية، وليس ذلك من قبيل الصدفة. ففي السنوات الأخيرة اعتمد السياسيون بشكل متزايد، على الخطاب المناهض للمسلمين لتعبئة الناخبين. وما كان يعتبره أعضاء كلا الحزبين في السابق، خطاباً غير مقبول، أصبح بالتدريج عادياً، ولا سيّما بين المرشحين الجمهوريين.
فأثناء الانتخابات التمهيدية الرئاسية لعام 2016 على سبيل المثال، دعا السيناتور تيد كروز، جهات إنفاذ القانون إلى «تسيير دوريات في الأحياء الإسلامية، وضمان الأمن فيها». وادّعى بن كارسون، وزير الإسكان والتنمية الحضرية الحالي في الولايات المتحدة، أن الإسلام لا يتفق مع الدستور. وحذّر حاكم ولاية لويزيانا السابق بوبي جيندال، من أن بعض المهاجرين يحاولون «تغيير ثقافتنا وقيمنا الأساسية، وإحلال ثقافتهم وقيَمهم مكانها».
ويرُدّ الأمريكيون المسلمون على كل ذلك، من خلال المنظمات التي تمثّل مصالحهم، ويزدادون وضوحاً وانخراطاً وحزماً. وعلى مستوى الناس العاديين، يُلمس وجودهم من خلال عمل الناشطين مثل ليندا صرصور، التي شاركت في رعاية المسيرة النسائية عام 2017. وعلى مستوى السياسات تعمل منظمات الدفاع عن المسلمين، مثل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، على تعزيز الأجندة التشريعية للجالية المسلمة.
ويوجد في الولايات المتحدة، ما يقرُب من 3.35 مليون مسلم، غالبيتهم؛ أي نحو 58% منهم من الجيل الأول من الأمريكيين، الذين وصلوا إلى البلاد بعد صدور قانون الهجرة والتجنّس عام 1965. ومع بدء هؤلاء المهاجرين في الاستقرار بالولايات المتحدة، أنشأوا مؤسسات.
ويُعتبر مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، ومجلس الشؤون العامة الإسلامية، والمجلس الأمريكي للمنظمات الإسلامية الذي أنشئ مؤخراً، من بين أكبر المنظمات على الصعيد الوطني.
ومن خلال العمل نيابة عن واحدة من أكثر جماعات الأقليات الدينية، تعرضاً لتشويه السمعة والوصم بالعار، تطمح المنظمات المدافعة عن المسلمين إلى التمسك بأعظم المُثل والقيم الأمريكية؛ الحرية والمساواة والحقوق غير القابلة للتصرف، لجميع المواطنين.
إن المسلمين الأمريكيين يواجهون تحديات خطيرة، ولكنهم أيضاً متحفّزون بشكل متزايد لمواجهتها والتصدّي لها. وتبيّن جهودهم كيف تعمل جماعات الأقليات في أمريكا لتأمين مصالحها الجماعية، ومواصلة عملية بناء ديمقراطية شاملة للجميع.

* زميلة باحثة في الشؤون الدولية ودراسات الشرق الأوسط بجامعة نورث إيسترن الأمريكية موقع: ذي كنفرسيشن


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى