المعادلة السياسيّة الذهبيّة
عبد اللطيف الزبيدي
قال القلم: لديّ هديّة لا تقدّر بثمن إلى الأنظمة العربية، تريحها من ألوان الصداع الكبيرة داخليّاً وخارجيّاً. قلت: إن افتتاح الحوار على هذا النحو لا يسرّ النظام العربيّ، الذي اقتنع قروناً بأن إنتاج الأفكار شأن سياديّ فوقيّ. قواميسنا، ما شاء الله، ثلاثة أرباعها مرادفات، فانتق أسهلها هضماً.
قال: ماذا لو استغنى أصحاب القرار عن النهج المألوف منذ مئات السنين، وقرّروا استفتاء الناس في عظائم الأمور؟ عندما يستجدّ شأن مصيريّ له انعكاسات على الحاضر والمستقبل، عليهم طرحه على الشعوب علناً، فلا تقع التبعات على الأنظمة، وتكون المسؤولية التاريخية على عاتق الجميع. عندها يصدح كل نظام في وجه العالم: هذه إرادة شعبي، وأنا وشعبي عروة وثقى لا انفصام لها. سندخل التاريخ معاً، ونسطر صفحاته معاً. مجده مجدي ومجدي مجده.. من رأى مجديْن عاشا في نظام.
قلت: هذه صوفيّة سياسية ليس يسيراً الانتقال إليها في لمح البصر. تربيتنا جذورها ليست بنت اليوم. نموذج «سي السيد» صار نظاماً حياتيّاً. المسألة تحتاج إلى وقت لتغيير قواعد العلاقة بين القمة والقاعدة. يجب الارتقاء لدى الطرفين. عندئذ تقتنع الأبواب العالية تلقائياً، بأنه ليس ثمة شيء أروع من أن تقود مجتمعات عظيمة، أهلاً لشق الطريق إلى المستقبل، لا تقدر قوة في الدنيا على كسر إرادتها وتحطيم طموحها، لأنها هرم متماسك صلب متّحد لا تنفصل قمته عن قاعدته. صعوداً، لا تعرف أين تنتهي حدود القاعدة، ونزولاً، لا تعرف أين تتوقف حدود القمّة. هذا هو النظام المثاليّ.
قال: إن أسوأ ما ورثه العرب عن عدم بناء دولة المؤسسات طوال قرون، هو غياب الحديث عن الأمة الرشيدة، الشعوب الرشيدة، المجتمعات الرشيدة. هذا الغائب الأكبر، هو السبب في انهيار أنظمة كثيرة. أليس هذا دليلاً على أن النظام يعني السلطة فقط؟ عندما يهمّش نظام شعبه ولا يرى نفسه فيه وحدة واحدة، تفعل الأطماع الأجنبية فعلها. لا يمكن أن يبلغ «ربيع خِربي» أو مخططات أهدافها المدمّرة، إذا لم تكن ثمّة ثغرات مفتوحة أمام الفيروسات الوبائية. الدروس والعبر لا حصر لها.
قلت: إن الدروس والعبر لا أهمية لها على الإطلاق، إذا لم يتعلم الناس في كل المستويات العمل بها. عندما تنشأ المجتمعات على أن الأنظمة شيء والشعوب شيء آخر، فمحال أن تقوم قائمة لمعادلة «القمة والقاعدة اثنتان في واحدة». يجب تطبيق هذه المعادلة السياسية الذهبية، على المنظومة العربية لرؤية أسباب عجزها عن التصدي للتحديات.
لزوم ما يلزم: النتيجة العلمية: الأهم من وجود الطاقة، القدرة على حسن استغلالها.
abuzzabaed@gmail.com