قضايا ودراسات

المناخ شريك الحروب في كوارث الهجرة

*ثارانغا ياكوبيتياجي
بينما يركز العالم أنظاره على الهجرة والنزوح المرتبطين بالحروب والنزاعات؛ حيث تفر أعداد قياسية من الناس، يشير آخرون إلى سبب إضافي للهجرة والنزوح قلما يناقش: التغير المناخي.
نظمت جامعة الأمم المتحدة (مؤسسة تعنى بالتعليم والأبحاث الأكاديمية مقرها في طوكيو) حديثاً سلسلة ندوات جمعت أكاديميين وباحثين من أجل مناقشة أهمية الصلات بين التغير المناخي والهجرة والنزوح. وقال الخبير القانوني لدى قسم البيئة والأمن الإنساني في الجامعة (الروماني) كوزمين كورانديا: «هذه الصلات تجعل من غير الممكن مناقشة التغير المناخي دون الأخذ بعين الاعتبار الهجرة وحقوق الإنسان؛ حيث إن هذه الصلات قوية جداً. وهذا الترابط موجود تماماً في كل المجالات التي ندرسها ونناقشها».
وحسب مركز مراقبة النزوح الداخلي (منظمة أهلية دولية أسسها في 1998 المجلس النرويجي للاجئين في جنيف)، فإن 22،5 مليون إنسان في المتوسط كانوا يهاجرون أو ينزحون داخل بلدانهم كل سنة خلال السنوات السبع الأخيرة؛ بسبب كوارث مرتبطة بالمناخ أو الطقس، ما يعادل 62 ألف إنسان كل يوم.
والتغير المناخي، الذي يتسبب بتزايد وتيرة أحداث طقس قصوى، يتوقع أن يزيد مثل هذه الكوارث سوءاً في العقود المقبلة. وتقدر منظمة الهجرة الدولية (منظمة دولية على مستوى الحكومات تقدم خدمات وإرشادات إلى الحكومات، والمنظمات الأهلية، والمهاجرين والنازحين) أن ما بين 25 مليوناً و200 مليون إنسان يمكن أن يهاجروا أو ينزحوا سنوياًَ بحلول عام 2050 بسبب التغير المناخي.
وتمثل النيجر أحد البلدان التي تعاني تأثيرات التغير المناخي، التي تتراوح بين موجات جفاف متتالية والنضوب البطيء لبحيرة تشاد.
وفي إحدى ندوات جامعة الأمم المتحدة، قال تامر عفيفي، ممثل المكتب الاتحادي الألماني للهجرة واللاجئين، إن جماعات بشرية بأكملها فقدت مواشيها، وبالتالي مصدرها الأول لكسب الرزق، نتيجة لتضاؤل بحيرة تشاد. وأشار عفيفي إلى أن هذه الجماعات «فقدت هويتها كلياً»، وقال: إن الهجرة أصبحت استراتيجيتها للتعامل مع انعدام الأمن الغذائي والتغير المناخي. وأضاف: «حيث إن ضغوط البيئة أصبحت قوية للغاية… فإنه عندما ينزح قوم لا يعودون أبداً إلى موطنهم الأصلي، أو لا يعودون لفترة من الزمن. مثل هذا النزوح لم يعد موسمياً كما كانت الحال في السابق».
وأبلغت بروفسور القانون (الأمريكية) ماكسين بوركيت حضور إحدى الندوات أنه في الولايات المتحدة، اضطرت عشيرة من السكان الأصليين (الهنود الحمر) إلى هجر ديارها في جزيرة جان شارل قبالة ساحل ولاية لويزيانا؛ بسبب ارتفاع مستوى البحر. وهذه الجزيرة فقدت 98% من أراضيها منذ 1955.
وقال مشاركون في هذه الندوات، إن التغير المناخي وحده لا يدفع دائماً إلى الهجرة؛ حيث إن الهجرة مرتبطة بمزيج من عوامل اقتصادية، وتعليمية، وثقافية.
ووجدت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادي أن 37 % من سكان الدولة – الجزيرة كيريباتي، و26 % من سكان الدولتين – الجزيرتين ناورو وتوفالو قالوا إن أسباباً اقتصادية وتعليمية تدفع بالكثير منهم إلى الهجرة، في حين قال 18 % فقط إن التغير المناخي هو الدافع للهجرة.
ولاحظ الباحث في معهد «كارلسروه للتكنولوجيا» في ألمانيا بيشاوجيت ماليك أنه في بنجلاديش، كان أولئك الذين يملكون موارد أقل هم الذين نزحوا في أعقاب الإعصار المدمر «آيلا» في 2009. ولكن البروفيسور بوركيت قالت إن هذا الدافع المتعدد الأسباب والمعقد للهجرة لم يعد ينطبق بصورة عامة؛ حيث إن «التغير المناخي ليس ظاهرة ثابتة. إنه ظاهرة متغيرة».
واقترح الخبير القانوني كورنديا مقاربة إقليمية؛ بحيث تتعاون مجموعة دول في التعامل مع مشكلة الهجرة والنزوح. وقال: «على الصعيد الفردي، لا يمكن عمل أي شيء. وعلى الصعيد الدولي، ستكون الأمور بطيئة جداً. ولهذا يجب أن نختار طريقاً وسطاً، المقاربة الإقليمية، من أجل التعامل مع هذه المشكلات».

* كاتب لدى وكالة أنباء «إنتر برس سرفيس» – موقع الوكالة


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى