قضايا ودراسات

اليمن والأمم المتحدة… ما الأولوية؟

هاشم عبدالعزيز
منذ فترة اجتمع مجلس الأمن الدولي في شأن اليمن مرتين، وأصدر في اجتماعه الأخير بياناً رئاسياً تجاه أوضاعه، وكان هذا لافتاً للمهتمين والمتابعين ومثيراً لأسئلة غير قليلة ومنها:
هل بات اليمن بكارثية أوضاعه التي تداعت منذ الانقلاب على الشرعية الدستورية والعملية السياسية بمرجعياتها المعروفة، وهي المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، أولوية دولية؟
ربما كان مفيداً التوقف أمام هذه القضية بالإشارة إلى أن ردود الفعل على البيان الأخير لرئاسة مجلس الأمن لم تأت بجديد من الناحية الجوهرية، لا من قبل الانقلابيين ولا من قبل الحكومة اليمنية. فالانقلابيون رفضوا البيان الذي «دعا الأطراف اليمنية إلى مشاورات من دون شروط مسبقة»، و إلى «الاتفاق على إدارة ميناء الحديدة». فيما رحبت الحكومة اليمنية ببيان المجلس، حيث قال مصدر بوزارة الخارجية اليمنية: «إن البيان في مجمله إيجابي رغم أنه لا يلبي إلا الحد الأدنى من المتطلبات في هذه المرحلة من أجل تنفيذ القرارات الدولية».
إلى ماذا يعود هذا التناقض؟ بالطبع الأمر لا يتعلق بالبيان من الناحية الأساسية، فالحكومة اليمنية أكدت على الدوام على قضية عودة الأمن والسلام إلى البلاد، وإيقاف الحرب التي أشعلها الانقلابيون واستعادة الدولة، وتخفيف معانات المواطنين من الناحية المبدئية من جهة، ومن جهة ثانية تتعامل الحكومة اليمنية مع الاهتمام والجهود الدولية بإيجابية، ومع المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن وقراراته، وبدور المبعوث الدولي المنوطة به رعاية عملية الخروج من هذا النفق الذي انزلقت إليه البلاد.
في المقابل، فإن الانقلابيين ومنذ البداية أغلقوا الأبواب والنوافذ أمام المحاولات الهادفة لوضع نهاية للأزمة المتفجرة بتداعياتها الكارثية على حياة العباد، ومصير البلاد بالطرق السلمية.
هنا نعود إلى البداية، ما الذي أدى إلى موقف كهذا للانقلابيين؟ منذ البداية كان التنبيه إلى أن اليمن يواجه أزمة حل.
والآن يمكن العودة إلى هذه القضية، لنقول إن من بين أبرز مظاهر هذه الأزمة اجتماعات مجلس الأمن، وتتابع بياناته الرئاسية، ذلك أن المجلس لم يقدم على خطوات جديدة باتجاه الحل الجذري لإنهاء الانقلاب ومترتباته، وهو عجز عن تنفيذ حلول جزئية كما في شأن النواحي الإنسانية، أو ميناء الحديدة.
إشكالية دور مجلس الأمن تجاه الأزمة اليمنية تعود إلى سببين:
السبب الأول: إن المجلس أبقى رعايته لتسوية الأزمة اليمنية التي اضطلع بها منذ 2011م من دون أخذ مستجدات الانقلاب الذي أجهز على كل شيء، على الشرعية الدستورية والعملية السياسية وعلى المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
التسوية السلمية قضية مبدئية سليمة لكنها لا تبقى هكذا في حال لم تأخذ في الاعتبار أن تكون التسوية بين ما هو شرعي وبين ما هو مدان ومرفوض، إلا إذا قامت التسوية على ركيزتين: الأولى إنهاء الانقلاب ومترتباته من جهة، وضمان عدم ردود الأفعال الانتقامية من جهة ثانية.
السبب الثاني: ضعف وحدة مجلس الأمن تجاه الأوضاع في اليمن.
في هذا الشأن ربطت الحكومة اليمنية ترحيبها بالبيان الرئاسي لمجلس الأمن الدولي بأنها: «ترى فيه استمراراً لوحدة المجلس تجاه الأوضاع في اليمن المنطلقة من قراراته ذات الصلة».
بالطبع، إشارة الحكومة اليمنية إلى هذه القضية ما كان ليكون لو لم تكن هناك مخاطر، أو مخاوف، أو حقائق لعل من نتائجها تعدد المبادرات وتضاربها التي بدت فيها اليمن بأزمتها المتفجرة والمتداعية كما لو أنها «ملطشة» دبلوماسية.
تأخذ بلدان عدة دور التحالف العربي كما لو أنه ليس مستساغاً من دون أن تأخذ مسألتين في الاعتبار، الأولى: أن تفويضات دولية جرت لتدخل عسكري ينهي الانقلاب على الشرعية الدستورية في أماكن عدة، والثانية: أن الانقلاب على الشرعية في اليمن جاء بحوافز دعم وتدخل إيراني، ما يعني تهديداً لسيادة اليمن، وأمن واستقرار هذه المنطقة، والأمن القومي والعربي عموماً.
قديماً، قيل إن الحل يبدأ بأخذ الأسباب، ولا يعني تجاهل النتائج، وهنا التساؤل: ما سبب ما يجري في اليمن الآن؟ من الذي فتح أبواب الحروب التدميرية والجهنمية؟ ما سبب انتزاع أمن وسكينة الناس، وترويعهم وتشريدهم، وإثارة الأحقاد، والكراهية والنعرات الطائفية والمذهبية؟
والأهم: أليس الرفض الوطني والإدانة الدولية وقرار مجلس الأمن للانقلاب باتت أولوية؟Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى