قضايا ودراسات

بحر لا رافد

الدكتور خليفة السويدي أستاذ التربية في جامعة الإمارات، والإعلامي البارز منذ قدم برنامجه «خطوة» في تلفزيون أبوظبي، يفتخر دائماً بكونه معلماً، وبعد أن قدم محاضرته القيمة ضمن ندوة «التعليم والتطرف والإرهاب» في مركز الإمارات للدراسات، وبعد شكره الحضور وتصفيق الحضور له، استأذن الحضور في العودة ثانية إلى المحاضرة قائلاً: نسيت شيئاً مهماً.. المدارس الخاصة.. أوضاع المدارس الخاصة في حاجة إلى مراجعة.
بقيت هذه العبارة في عقول وقلوب حضور الندوة وتكرست أكثر من غيرها، ولعله تأثير الإعلامي الذكي الذي يعرف كيف يتعامل مع المتلقي وكيف يجذبه ابتداء ثم يقنعه.
فلماذا استدرك الأستاذ الدكتور السويدي ليقول عبارته عن المدارس الخاصة في حضور جمهور نوعي بينه ثلاثة وزراء تربية وتعليم عرب هم وزراء الإمارات والبحرين ومصر؟
فيما كان يقال على مدى التجربة أن التعليم الخاص رافد مهم، تغير الواقع، ما يوجب تغيير المقولة لتصبح: التعليم الخاص نهر متدفق أو بحر متلاطم، شأنه شأن التعليم العام، وفي ضوء هذه الحقيقة تجب المراجعة التي أشار إليها الدكتور السويدي، والتي يستشعر أهميتها وضرورتها مجتمعنا كله، خصوصاً أوساط المعلمين وأولياء الأمور.
وفيما ضمنت الحكومة، عبر قرارات جادة وصارمة، وجود مستوى متجانس بين مدارس الحكومة، خصوصاً بعد توجيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بتوحيد نظام التعليم على مستوى الدولة، يلاحظ المراقبون حاجة التعليم الخاص إلى تأمين حد أدنى من المستوى اللائق بدولة الإمارات وطموحها البعيد. الحاصل أن مستوى بعض المدارس الخاصة متدنٍ جداً، والشاهد أن الجهات المعنية صنفت بعضها «ضعيفاً» وبعضها «ضعيفاً جداً» ناصحة المواطنين بعدم إلحاق أولادهم بها.
المسألة، في واقع الأمر، لا تتعلق بالمواطنين فقط، فالمطلوب الارتفاع بمستوى التعليم في بلادنا مطلقا، في حد ذاته، ولجهة اتصاله بتكوين شخصية المواطن والمقيم، ولجهة علاقته مع سوق العمل. من هنا أهمية وضرورة المراجعة، على أن يقوم بها أكاديميون ومتخصصون وعارفون بنظرية التربية وخبراء في تطبيقها.
التصنيف الأكاديمي الرسمي مبدأ أول، وبسط سيطرة المؤسسة التعليمية الوطنية على جميع مكونات التعليم الخاص، مدارس وجامعات، مسألة مصيرية بكل ما في الكلمة من معنى، فحال بعض كليات وجامعات التعليم الخاص لا يسر أيضا، وأخشى ما يخشاه المرء انتشار وصعود النزعة التجارية البحتة في مساحة لا بأس بها في هذا القطاع، وكل ذلك على حساب أولادنا الذين يتلقون في بعض الجامعات الخاصة تعليماً لا يعد ولا يعتبر.
ونريد من تعليمنا، كل تعليمنا، والتعليم الخاص بمدارسه وجامعاته، ليس استثناء، أن يكون في مستوى حاضر الإمارات، وفي حجم مستقبلها الكبير بكل رهاناته وتحدياته.

ابن الديرة
ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى