قضايا ودراسات

تحرير بنغازي

فتح العليم الفكي

ثمة أوضاع وترتيبات جديدة ستشهدها الساحة الليبية بعدما تمكن الجيش الوطني الليبي في الخامس من الشهر الجاري من تحرير بنغازي بعد معارك ضارية خاضها على مدى أكثر من ثلاث سنوات ضد الجماعات الإرهابية التي استغلت حالة الفراغ السياسي والأمني التي عصفت بالبلاد في أعقاب ثورة 17 فبراير/ شباط 2011، فعاثت في المدينة فساداً وتشريداً وتقتيلاً للأبرياء.
وتشير كل الدلائل إلى أن تحرير بنغازي سيقلب الموازين رأساً على عقب، وسيغير الخريطة السياسية في البلاد، كما سيغير الكثير من المواقف الدولية لصالح الجيش الليبي والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى.
ولعل أبرز هذه المؤشرات ما جاء في خطاب القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، الذي أعلن فيه تحرير المدينة، حيث أشار إلى أنه «حان وقت البناء والعمل لتدخل بنغازي عهداً جديداً من الأمن والسلام، والتسامح والوئام، والبناء والعمار، والعودة إلى الديار»، وهو خطاب متصالح يؤكد الرغبة في استهلال عهد جديد بعيداً عن الدماء والحروب.
خطاب حفتر قابله خطاب مماثل لفائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، السبت الماضي، أعلن فيه عن خريطة طريق لحل الأزمة الليبية- لم تخرج عن مخرجات اللقاء الذي جمعه مع حفتر في العاصمة الإماراتية أبوظبي في مايو/ أيار الماضي – حيث شملت خريطة الطريق، إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في مارس/ آذار المقبل، وتشكيل لجان حوار بين مجلسي النواب والدولة بإشراف الأمم المتحدة لمناقشة قانون الانتخابات، ووقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد باستثناء عمليات مكافحة الإرهاب، وإنشاء المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية.
خريطة السراج لا شك في أنها ستزعج مليشيات طرابلس مثلما أزعجها انتصار حفتر، وحاولت احتلال العاصمة طرابلس ولكن حلفاء السراج تمكنوا من دحرها.
دولياً، يبدو أن المواقف المتشددة تجاه الجيش الليبي، بدأت تلين بعض الشيء، وهذا ما عبرت عنه ردود أفعال الأمم المتحدة والحكومة البريطانية ممثلة في سفيرها في ليبيا بيتر ميلت، حيث أشادتا بتحرير المدينة واعتبرتاه خطوة أولى نحو تحقيق السلام في البلاد.
كما عبرت كل من فرنسا وإيطاليا عن ترحيبهما بتحرير بنغازي ودعت باريس«لتشكيل جيش ليبي نظامي»،
وسربت قناة «سي إن إن» الأمريكية نقلاً عن مسؤولين أمريكيين أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شارفت على الانتهاء من خطة جديدة إزاء الملف الليبي يمكن من خلالها تكثيف الوجود الأمريكي في ليبيا لمحاربة الإرهاب وكشفت عن نية واشنطن إعادة افتتاح قنصليتها في بنغازي، التي ظلت مغلقة منذ مهاجمتها في سبتمبر/ أيلول 2012.
إن الفرصة الآن مناسبة أكثر من أي وقت مضى لإنجاز تسوية سياسية في ليبيا، وعلى المجتمع الدولي استغلالها لتحقيق المصالحة والوفاق الليبي وتكوين جيش موحد.

alzahraapress@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى