تساؤلات خطيرة ومشروعة
قاسم حسين صالح
الأستفراد بالسلطة والثروة هو اساس الصراع بين القوى السياسية الذي تصاعد في (تموز- آب 2022) بين التيار الصدري والأطار التنسيقي، والنهب والسرقات هما سبب لجوء حكومات ما بعد التغيير الى خلق الازمات التي ادت الى توالي الخيبات في خراب سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي واخلاقي أصاب العراق بالشلل والفشل..لتثبت الأحداث اننا لا نمتلك رجال دولة بل اشخاصا اعتبروا العراق غنيمة لهم فتقاسموه فيما بينهم ثم تنازعوا على القسمة بعد 19 سنة من الشراكة!
ولنبدأ بهذه الحقيقة
تدّعي الكتل والأحزاب التي استلمت السلطة بدءا من حكومة السيد نوري المالكي (2006)،انها اسلامية..وهي تعلم ان الدين الأسلامي حذر من (خيانة الذمّة) التي تعني العهد والكفالة،واثقلها حين يكون الشخص مسؤولا عن الرعية،وأقبحها حين يكون هذا المسؤول أمين حزب اسلامي.
وننوه الى ان مقالنا هذا يخصّ ولا يعمّ،فبين قادة الشيعة من صان الذمّة والضمير وظل مخلصا للوطن وأهله رغم مغريات السلطة والثروة. ولا يعنينا هنا الحديث عن كل الجهات المتورطة بالفساد في العراق،فأمرها صار مفضوحا ومعترفا به من الحكومة والمرجعية والكتل السياسية والناس،بل عن مسؤولين شيعة وعدوا جماهيرهم برفع الحيف عنهم وتعويضهم عما اصابهم من مظلومية،فاغتنوا وما وفوا..وما استجابوا لا لمطالب تظاهرات الجماهير ولا للمرجعية التي بح صوتها،بل استبدوا واستهانوا وخذلوا حتى من انتخبهم..وبينهم من كاد لمن اعتبره منافسا، وبينهم من يدّبر (الآن) أمرا بليل ليؤمنوا حكما دكتاتوريا بجلباب ديمقراطي!.
والحقيقة التي وثقها التاريخ ان الأطار التنسيقي والتيار الصدري شريكان في الفساد ونهب المليارات وامتلاك مؤسسات ومولات ووو.
لكن المسؤولية الأكبر يتحملها السيد نوري المالكي،فهو يعد (خائن ذمة) وفق قيم الأسلام بقوله (لديّ ملفات للفساد لوكشفتها لأنقلب عاليها سافلها)..وما كشفها خوفا من الخصوم وحماية لفاسدين من حزبه..الدعوة الأسلامي.
وللسيد المالكي نسأل:
· وفقا لتقرير المؤشر العالمي للفساد لمنظمة الشفافية الدولية العالمية،احتل العراق المركز الثالث عالميا في الفساد عام(2006) وجاء بالمرتبة الثانية بين الدول الأكثر فساداً في العالم،وظل محافظا عليها في العام 2009 زمن ولايتك الأولى.
في 29 أيلول (2007)وجّه تقرير سري أمريكي “حساس” انتقادات شديدة إلى إجراءات مكافحة الفساد في الوزارات والمؤسسات العراقية الرسمية محذراً من أن العراق غير قادر حالياً على تعزيز قوانين مكافحة الفساد،مضيفا أن مكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي “يتعامل بعدائية” مع فكرة تأسيس وكالة مستقلة للتحقيق في الفساد الإداري برغم انه يصف الحرب على الفساد بأنها الحرب الثانية في العراق.
· وصف التقرير المؤلف من (82) صفحة النظام القضائي العراقي بأنه “ ضعيف ومرعب وعرضة للضغط السياسي”،ويحدد بالارقام حالات الفساد في الوزارات نكتفي بذكر اثنتين منها،أن “من بين 169 شكوى في وزارة الدفاع،أحيلت ثمان منها فقط إلى المحكمة ولم تتم إدانة إلا شخص واحد فقط،وأنه من مجموع 154 حالة فساد تم التحقيق فيها بوزارة النفط أحيلت 19 قضية فقط إلى المحاكم،تم اتهام اثنين فقط في حين تمتع خمسة آخرون بالحصانة الممنوحة لهم “ ما أكسب الوزارة سمعة كونها أكثر الوزارات فساداً “.وكان المالكي هو رئيس الوزراء ووزير الدفاع.
نقلت صحيفة واشنطن تايمز عن شيرمان،المستشار السابق بوزارة الداخلية العراقية، قوله: إن مساعي السيطرة على الوزارة تحولت إلى صراع سياسي من أجل البقاء وكسب النفوذ أكثر من كونها محاولات لبسط الاستقرار في البلد.وأضاف أن الوزارة تدار من جانب حزب الدعوة والمجلس الأعلى الإسلامي وحزب الفضيلة،مؤكداً أن طريقة استخدام هذه الأحزاب لمقدرات الوزارة أصبح خارج نطاق سيطرة الولايات المتحدة.وفي آذار 2008نشرت صحيفة النيويورك تايمز “ان النفقات العسكرية العراقية بلغت سبعة ونصف مليار دولار متجاوزة انفاق الامريكيين على الجيش الحكومي البالغ خمسة ونصف مليار دولار».
· بحسب تقرير لمحقق امريكي بثته فضائية الشرقية أشار الى انه تم تهريب ثلاثين مليار دولارا خارج العراق،توزعت بين شراء جزر وفنادق ومطاعم ومعارض سيارات ومكاتب تحويل العملة وملاهي ليلية..وشراء 150 عقارا في ثلاث دول اوربية سجلت باسماء أقارب الفاسدين،بينهم ثلاثة فاسدين،وزير شيعي وشقيقاه،هرّبوا 820 مليون دولارا!.
نأتي الآن الى شهادات أشخاص..نبدأها بمدير البنك المركزي السابق سنان الشبيبي بقوله:ان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أمر بتعيين أربعة من افراد حزبه الحاكم في البنك ليسيطر على دائرة غسيل الأموال،وانه عين أربعة من أفراد حزبه بمناصب كبيرة، فيما كشف الراحل أحمد الجلبي،عن قصص فساد يقودها نوري المالكي ومساعد ابنه (ابو شهد).
وفي حديثه للجزيرة نت أكد بهاء الأعرجي إن “هناك مسؤولين في الحكومة والبرلمان يدافعون عن الفاسدين بسبب انعكاس فضائح هؤلاء على شعبية هذه الأحزاب في الشارع العراقي، وإن حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي(تأثر كثيراً من جراء استجواب وزير التجارة الذي ينتمي إلى هذا الحزب”…كاشفا عن وجود ضغوط قوية من بعض الأحزاب لمنع استجواب بعض الوزراء الذين عينتهم هذه الأحزاب في مناصبهم، مقابل سكوت الوزير وعدم كشفه حلقات الفساد العليا في الحكومة والأحزاب.
ويوثق رئيس هيئة النزاهة السيد موسى فرج في كتابه (قصة الفساد في العراق) بقوله “عندما بدأت بالتقرب من فساد بطانة المالكي،وقد إستئذبوا وإستأذب في حمايتهم،ووجدت أن البرلمان مهلل في حينه،وسطوة رئيس الحكومة عليه مكشوفة،وأن رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب الذي بلغها من خلال المحاصصة سيئة الصيت،قد دخل تحت عباءة المالكي في صفقة فاسدة لحماية نفسه وأخيه ومتنفذين من حزبه،وكنت ألاحق قضايا سرقة وتهريب النفط المتهمين بها”.مضيفا أن”الأمانة العامة لمجلس الوزراء تحوّلت إلى أخطر بؤرة للفساد في العراق” وان رئيس الوزراء (نوري المالكي) أمر بمنع محققي الهيئة من الحصول على نسخ الملفات ذات العلاقة بالفساد».
وفي السياق ذاته أكد القاضي راضي حمزة الراضي،رئيس مفوضية النزاهة العراقية “أن رئيس الحكومة (المالكي) وحكومته رفضوا الاعتراف باستقلال لجنة النزاهة العامة..وان هنالك العديد من حالات الفساد التي تم اغلاقها من قبل الوزراء ورئيس الوزراء تقدر قيمتها بمائة بليون دينار عراقي».
واخيرا افاد وزير المالية علي عبد الامير علاوي في كتاب استقالته الأخير بانه (تعرف على مدى تدهور الدولة) من خلال مباشرته بمنصبه حيث ( تم الاسيلاء على الدولة فعليا من قبل الاحزاب وجماعة المصالح الخاصة).
* نقلا عن “المدى“