تقدم الأمم في «رؤيتي»
شيماء المرزوقي
توقفت مليّاً عند كلمات قرأتها في كتاب «رؤيتي»، من تأليف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قال فيها «سر عظمة الأمم ليس في جبروتها العسكري، ففي العالم اليوم أمثلة عدة على دول تتمتع بقوة عسكرية جبارة، لكنها بلا حول لأن قوتها الاقتصادية ضعيفة، وفيه أمثلة على دول لا تملك جيوشاً كبيرة لكنها من القوى الاقتصادية العظمى. الأمم تتقدم على الأمم الأخرى بتقدم اقتصادها، وتتراجع بتراجع اقتصادها ولا نعرف في التاريخ أمثلة أثبتت العكس فترة طويلة».
لا جدال في أهمية القوة الاقتصادية، لكن السؤال عن ما هو الاقتصاد؟. ومن أبسط تعريفات الاقتصاد المتداولة، إنه النشاط البشري، وهذا يعني نشاط المجتمع التجاري والخدمات والصناعة وفي مجال الإنتاج بصفة عامة، وهذه الجوانب الحيوية وغيرها، لن تتحقق دون حركة تعليمية نشطة ومتميزة وشاملة، ولن تنجح دون معرفة منتشرة بين أفراد المجتمع، ودون وعي ثقافي بالتطور والتقدم وأهمية العمل والمحافظة عليه، دون أمن قوي وقوانين واضحة وصارمة ومحاكم عادلة. وإذا أمعنّا النظر فإن هذه الجوانب تجدها كواقع في سياسات ومسيرة الإمارات، فالاهتمام بالحركة التعليمية ماثل في عدد المدارس والجامعات وتنوع تخصصاتها، وتجده في كل هذا الزخم المعرفي والتشجيع على القراءة والكتابة، وأيضاً تلمسه بشكل واضح في دخول التقنيات الحديثة واستخدام الذكاء الاصطناعي مبكراً والمراهنة عليه، وتشاهده أيضاً في الاهتمام بالعلوم الحديثة مثل الفضاء والمساهمة بقوة في الجهد البشري الدولي لاكتشافه وعدم التردد في استخدام المبتكرات الحديثة وتطبيقها لتكون واقعاً حياتياً يشعر به ويلمسه كل مواطن ومقيم.
ببساطة متناهية، القوة الاقتصادية تحتاج لعدة أدوات ومجالات للتحقق على أرض الواقع لا تقل أهمية، مثل التعليم والمعرفة وانتشار مظلة القوانين والأنظمة والانفتاح على الآخر. وهذا الذي يقودنا ويوضح لنا المغزى العميق لتلك الكلمات التي كتبها قلم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، ونفهم لماذا هناك دول تملك جيوشاً كبيرة لكنها تفشل في بناء اقتصادات قوية، بينما دول أخرى قد لا تملك جيوشاً كبيرة، لكنها نجحت في أن تصبح قوة اقتصادية عالمية.
من هنا جاءت السياسة الإماراتية التي استندت على بناء القوة الاقتصادية والقوة العسكرية: اقتصاد متنوع منفتح متعدد وقوة عسكرية لديها الكفاءات البشرية المتعلمة المدربة الطموحة. وكأن الاقتصاد والعسكرية بمثابة جناحي الصقر اللذين يحملهما في السماء.
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com