مقالات عامة

تورط إيراني ثابت

صادق ناشر

كما كان متوقعاً، أميط اللثام عن التورط الإيراني في اليمن، بعدما وثق فريق خبراء العقوبات المعنية باليمن، والمكلف من مجلس الأمن الدولي، المعلومات المتداولة عن وجود أسلحة إيرانية تستخدمها جماعة الحوثي، المرتبطة بإيران، منذ الانقلاب الذي قامت به ضد الشرعية في البلاد عام 2014 وما قبلها أيضاً.
يتحدث التقرير، الذي قدم إلى مجلس الأمن نهاية الشهر الماضي، عن إدخال الأسلحة الإيرانية إلى اليمن، رغم قرار الحظر الصادر من مجلس الأمن الدولي، ووثق إرسال «مخلفات قذائف ومعدات عسكرية متصلة بها، وطائرات عسكرية مسيرة من دون طيار، ذات أصل إيراني»، ويورد التقرير حقائق تشير إلى أن «إيران لا تمتثل للالتزامات الواردة في الفقرة 14 من القرار 2216 لعام 2015، حيث أخفقت في اتخاذ التدابير اللازمة لمنع التوريد أو البيع أو النقل بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى الحوثيين فيما يخص الصواريخ البالستية قصيرة المدى، وطائرات دون طيار وغيرها من الأسلحة».
يشير الفريق إلى أن «الصواريخ المستخدمة من قبل الحوثيين بالستية قصيرة المدى، تفوق قدرة الصواريخ الموجودة في مخزون الجيش اليمني»، ما يؤكد أن العون الإيراني للجماعة ظل مستمراً منذ الانقلاب وحتى وقت قريب. فالتحقيقات التي قام بها الفريق وجمعها من حطام الصواريخ، أثبتت أنها متطابقة مع الصواريخ الإيرانية، «ما يعني أن الصواريخ تم صنعها من المصنع نفسه، كما أن حطام الصواريخ وجدت عليه علامات مشابهة لشعار الشركة الإيرانية»، وفق التقرير الصادر عن الخبراء.
في الحقيقة لم يضف تقرير الفريق الأممي شيئاً إلى المعلومات المتوفرة عن الدور الإيراني المتعاظم في اليمن، لكنه يتحدث للمرة الأولى وبشكل أكثر وضوحاً عن هذا الدور، لأن الجميع يدرك حقيقة العلاقة القائمة بين طهران وجماعة الحوثي، خاصة منذ تنفيذ الانقلاب ضد الشرعية في سبتمبر/ أيلول من عام 2014، لكنه أكد ذلك بشكل رسمي وأزال الغشاوة عن كثيرين يرون خلاف ذلك، انطلاقاً من عدم معرفة أو على الأقل تغاض عن حقيقة التداخل في العلاقة القائمة بين الطرفين، والتسهيلات التي تقدمها طهران للمتمردين، كان أبرز تجلياتها الاستقبال الذي حظي به الناطق باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام من قبل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في العاصمة الإيرانية قبل نحو أسبوع.
لا يمكن فهم موقف إيران المساند للحوثيين إلا بكونها تحولت إلى عامل من عوامل تدمير اليمن وإضافة تعقيدات إلى المشهد القائم في البلاد منذ ما قبل 2014، فالدعم الذي تقدمه طهران لجماعة الحوثي فاقم ويفاقم من حجم الأزمة ويباعد بين الأطراف السياسية، التي كانت قريبة من التوصل إلى حل للأزمة في مشاورات الكويت عام 2016.
تتاجر إيران بالقضية اليمنية وتصفي حساباتها مع خصومها في المنطقة عبر البوابة اليمنية، وهي بذلك تضيف معاناة أكبر للمواطنين الذين وجدوا أنفسهم وسط حروب متنقلة في كل مكان، ولولا الدعم الذي قدمته ولا تزال تقدمه إيران لجماعة الحوثي، لكان مسار الصراع اختلف عما نشاهده اليوم.

sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى