ثقافة التبرّع بالأعضاء
إيمان عبدالله آل علي
تقدمت الدولة بخطوات ملموسة في ملف زراعة الأعضاء البشرية، ولدينا تجارب ناجحة لعمليات أجريت في الدولة، وآخرها زراعة قلب لمواطن في مستشفى «كليفلاند أبوظبي»، والواهب قلبه متوفى من داخل الدولة، وهذا مؤشر واضح على تقبل المجتمع لفكرة التبرع بالأعضاء.
لكن، أين هي البرامج التوعوية لنشر ثقافة التبرع بالأعضاء؟ وأين هي الجهات المعنية في هذا الشأن عن توضيح آلية التبرع بالأعضاء؟
عدد المحتاجين للأعضاء في الدولة كبير، ونقل العضو لهم قد يغير حياتهم، وينهي معاناتهم، وسنوياً هناك أفراد يضافون إلى قائمة الانتظار، والأغلبية اعتمادهم على عضو بشري من دولة أخرى، وفي تلك الدول تمنح الأولوية لمواطنيها، ونصيب مواطني الدولة بسيط جداً، ليبقى هؤلاء المرضى أسيري الفراش، برغم أن هناك من يستطيع التبرع بأعضائه سنوياً في الدولة، ولو أدرك المتوفى نفسه أو ذووه أن هناك من يحتاج إلى عضو، وبإمكانه أن ينقذ حياته، فلن يتأخروا عن الوهب مهما تكن النتيجة.
ندرة المتبرعين ظاهرة عالمية، رغم أن هناك دولاً تعمل على هذا المشروع منذ عشرات السنين، إلا أن غياب المتبرعين يقتل الأمل لدى المرضى الذين يظلون لسنوات على قوائم الانتظار، لإيجاد من يتبرع لهم.
فئة كبيرة تجهل جواز الأمر شرعاً، ولا توجد برامج تثقيفية بهذا الشأن، ولا يلقي الأغلبية بالاً لفكرة التبرع بالأعضاء، خاصة إن لم يكن هناك مريض بحاجة للزراعة في العائلة، فستبقى الحال على ما هي عليه، إن لم توضع آلية واضحة للتوعية والتثقيف، وقد يرفض بعض أفراد المجتمع الفكرة في بداية الأمر، ومع التوعية، ستتبدل الصورة، وقد تتحول إلى ممارسة.
الفريق القائم على المشروع من الجهات الصحية الحكومية والخاصة يعملون بجد واجتهاد على هذا الملف، وحققوا نجاحات كبيرة، ومستشفيات الدولة والكوادر الطبية مؤهلة لزراعة الأعضاء، ويبقى المجتمع إلى اليوم غير ملتفت لفكرة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، فليس هناك من يناقش ومن يوعي ومن يثقف.
المجتمع الإماراتي مجتمع معطاء، ولا يترك فرصة ليقدم الخير لغيره في حياته، فكيف إذا منحت له الفرصة، ليمنح أملاً جديدة للحياة للآخر، بعد أن يغادرها، وينال الثواب العظيم؟!
نذكر أن البرلمان الهولندي، أقرّ نهائياً قبل أيام، قانوناً ينص على تسجيل كل الهولنديين فوق الثامنة عشرة، على أنهم متبرعون بأعضائهم، إلا في حال رفضوا صراحة ذلك.
فمتى ستبدأ الجهات المعنية بتفعيل القانون بشكل موسع، لمنح بارقة أمل للمرضى؟ ومتى ستعمل الجهات على ترسيخ ثقافة التبرع عبر كل الوسائل المتاحة؟ ومتى سيطلق البرنامج الوطني للتبرع بالأعضاء؟
Eman.editor@hotmail.com