جدل العنصرية في أمريكا
يونس السيد
منذ وصوله إلى البيت الأبيض، لم يهدأ ترامب أو يسترح على الصعيدين الداخلي والخارجي، فقصة فوزه وامتداداتها الخارجية، خصوصاً الاتهامات الموجهة لروسيا بالتدخل فيها، لا تزال تلاحقه حتى الآن، فيما الاحتجاجات والتظاهرات لا تزال تحاصر سياساته الداخلية والخارجية، على حد سواء، ناهيك عما تثيره من جدل في الساحة الدولية.
منشأ هذا الجدل وتلك التناقضات والفوضى السياسية الناشبة، يعود في الأصل إلى وصول اليمين الشعبوي بزعامة ترامب إلى السلطة للمرة الأولى في تاريخ الولايات، إذ خلافاً لكل المواقف والتقاليد التي كان ينتهجها كلا الحزبين الكبيرين، الجمهوري والديمقراطي، والتناوب على السلطة في إطار العملية الديمقراطية، جاء اليمين الشعبوي ليكسر كل القواعد المعروفة والتقاليد المتبعة في السياسات الداخلية والخارجية ليفرض نهجه هو وقوانينه الخاصة، وهو نهج يفتقر إلى الخبرة في التعامل مع القضايا الداخلية والخارجية، ما أدى بوضوح إلى تراجع المكانة والدور القيادي للولايات المتحدة في الساحة الدولية، كما يظهر في مواقفها تجاه العديد من القضايا الدولية الساخنة، بينما انعكس التلويح باستخدام القوة وحدها في حل هذه القضايا في وضع العالم على شفا حرب نووية جديدة، كما في حالة كوريا الشمالية.
فضلاً عن ذلك، عادت قضية العنصرية الأمريكية إلى الواجهة، كما حدث مؤخراً في مدينة شارلوتسفيل بولاية فرجينيا، وما حمله ذلك من جدل في الساحة الداخلية. وقد يكون الأمر متوقعاً، فمع وصول اليمين الشعبوي إلى السلطة، تنتعش، على هامشه، القوى الأكثر تطرفاً وعنصرية، كما في حالة العنصريين الأمريكيين، الذين يؤمنون بتفوق العرق الأبيض، والنازيين الجدد، التي ظهرت في شارلوتسفيل وما رافقها من عنف أدى إلى مقتل امرأة وجرح العشرات في عملية دهس، وكذلك رد الفعل المتوقع حيث خرجت الاحتجاجات والتظاهرات في معظم المدن والولايات الأمريكية. لكن اللافت في الأمر هو تجنب ترامب في البدء إدانة ما يسمى «جنود الكونفدرالية»، وهم العسكريون الأمريكيون الذين رفضوا تاريخياً تحرير العبيد وأعلنوا الانفصال عن الولايات المتحدة، ما أدى إلى نشوب الحرب الأهلية، قبل أن يضطر إلى العودة لإدانة العنصريين والنازيين الجدد. لكن هذه العودة جاءت متأخرة كثيراً، وكلفته إلغاء مجلسين استشاريين له، بعد أن قدم عدد من أعضائهما استقالتهم احتجاجاً على مواقفه، التي لقيت أيضاً انتقادات من داخل إدارته والحزب الجمهوري، فضلاً عن الديمقراطيين، وتسببت كذلك بفتح باب الجدل على مصراعيه في الولايات المتحدة.
younis898@yahoo.com