جديد القضايا المنسيّة
عبداللطيف الزبيدي
هل من دروس جديدة في طرح المباحث القديمة؟ ألف عبرة. غريب أن يتجاهل المثقفون قضية كموقف طه حسين من الشعر الجاهليّ. المبحث أبعد من شعرنا قبل الإسلام، لأنه تجسيد لمأساة العقل العربي، ونكبة حرية البحث العلميّ.
علينا أن نخاف رعب العقل أمام الاختبار والتحقيق في الجذور. عميد الأدب استوعب آراء المستشرقين قبله وتوسّع في الميدان. التاريخ الأدبي ليس ملكية فرديّة لأحد أو سلطة. الثقافة لها هويّة وخصوصيّة، ولكنها ملك مشاع. ثمة أحداث مؤسفة كتآزر المتزمّتين والقضاء في مصر لوضع طه حسين في قفص الاتهام. وفي تونس تعاضدت الزيتونة والقضاء لاتهام أبي القاسم الشابي لقوله: «فلا بدّ أن يستجيب القدر». انتهت المسائل على خير. اليوم لا ينطبق على العرب قول هوفوات بوانيي: «أمس كنّا على شفا الهاوية، اليوم تقدّمنا خطوة إلى الأمام».
تأنيب الضمير سيظل يصرخ في أدمغة واضعي المناهج، إذا كانوا واعين: «إنكم تدرّسون أشياء لا نعرف مدى حقيقتها، ولم يبتّ في أمرها». حين يُقطع الطريق على البحث العلميّ في الأدب، فسوف يشمل القطع التاريخ والاجتماع والأنثروبولوجيا والعلوم. ستكبّل الأغلال كل الحريات. عميد أدبنا أجلّ قدراً من أن يعني شكّه الحكم ببطلان كل ما جاء قبل الإسلام شعراً. ليس في إمكان أيّ وسط ثقافيّ، مهما يكن نبوغه، أن يخترع ستة عشر وزناً في أقلّ من قرن، فضلاً عن أن المجتمع الإسلاميّ لم يكن عربيّاً كلّه. أمّا قول طه إن الشعر الجاهليّ لا يمثل مجتمع الجاهليّين، وأن القرآن أصدق تصويراً لمدى دفاعهم عن وثنيتهم وأوثانهم واستزهادهم أرواحهم في الذود عنها، فهذا منطق. إن العربية كانت عربيات، فكيف جاء الشعر الجاهليّ كله بلغة قريش؟ امرؤ القيس قحطانيّ أي يمنيّ، وكانت لغات اليمن متباينة، فكيف لم يقل ولو بيتاً يتيماً بعربية قومه؟.
لزوم ما يلزم: النتيجة التعويلية: هل نريد بقطع الطريق على البحث العلميّ، أن يتولى طلاب الإعدادية والثانوية حلّ هذه المعضلات؟
abuzzabaed@gmail.com