جوتيريس يدعو إلى هجرة منظّمة
أنطونيو جوتيريس*
في 11 يناير الجاري، قدّم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس في مؤتمر صحفي تقريره حول مسألة الهجرة العالمية، وهو بعنوان «فلنجعل الهجرة ناجحة للجميع». وفيما يأتي عرض لكلمته:
لدينا الآن فرصة لكي نصوغ، لأول مرة، رداً عالمياً على الهجرة. إنها فرصة لكي نستفيد إلى الحد الأقصى من المساهمة التي أخذ ملايين المهاجرين يقدمونها منذ الآن إلى مجتمعاتنا، ولكي نتفق على برنامج عمل يضمن الاحترام الكامل لحقوق جميع المهاجرين.
ويستعرض تقريري واقع الهجرة اليوم. وهو يقترح نظام هجرة آمنة، ومنسّقة ومنظّمة، ويحدد تحديات رئيسية وحلولاً ممكنة. كما أنه يدعو إلى عمل دولي جماعي أكثر تنسيقاً من أجل إيجاد حلول للتحديات، والى عمل جماعي من أجل التعامل مع الأوضاع السيئة التي لا تطاق التي يجد العديد من المهاجرين أنفسهم عالقين فيها.
وأود أن أشدد على أن الهجرة هي ظاهرة عالمية إيجابية. فهي تسهم في النمو الاقتصادي، وتخفف التفاوت الاقتصادي، وتربط ما بين مجتمعات مختلفة، وتساعد في التعامل مع مسألة النمو السكاني.
والهجرة هي أيضاً مصدر توترات سياسية ومآسٍ إنسانية. ولكن أكثرية المهاجرين يعيشون ويعملون بصورة قانونية. وللأسف، يعيش مهاجرون آخرون في الظل، من دون حماية قانونية، وهم لا يستطيعون المساهمة كلياً في المجتمع. وهناك أيضاً أقلية يائسة من مهاجرين يخاطرون بحياتهم من أجل الوصول إلى بلدان يواجهون فيها الارتياب وسوء المعاملة.
وعلى الصعيد العالمي، لا تزال الهجرة تدار بصورة سيئة. وتأثير ذلك يمكن رؤيته في الأزمات الإنسانية التي يتعرّض لها أناس أثناء هجرتهم، وفي انتهاكات لحقوق الإنسان يعانيها أولئك الذين يعيشون في وضع استرقاق أو يعملون في ظروف مهينة.
والتأثيرات السلبية للهجرة يمكن رؤيتها أيضاً في التصورات السلبية الشائعة في بلدان تستقبل مهاجرين. وعواقب ذلك تشمل التأثيرات السياسية لهذه التصورات التي تعتبر خطأ أن الهجرة أصبحت خارجة عن السيطرة. ونتائج ذلك تشمل تزايد انعدام الثقة بمهاجرين، واتباع سياسات تهدف إلى وقف حركة البشر بدلاً من تسهيلها.
وفي تقريري، أدعو إلى التركيز على الإيجابيات الكثيرة للهجرة، والاعتماد على وقائع، وليس على التحامل، من أجل التعامل مع تحديات الهجرة. وفوق كل ذلك، أدعو إلى خطاب يتصف باحترام المهاجرين.
وفي الواقع، المهاجرون يقدّمون مساهمة كبرى في التنمية الدولية – سواء من خلال عملهم أم من خلال إرسال تحويلات مالية إلى بلدانهم الأصلية. وفي العام الماضي، بلغت تحويلات المغتربين هذه نحو 600 مليار دولار، أي ثلاثة أضعاف جميع المساعدات التنموية الدولية.
والتحدي الأساسي أمام المجتمع الدولي، هو أن نعزز إلى أقصى حد ممكن منافع هذا الشكل المنظم والمثمر للهجرة، وأن نقضي على التمييز والانتهاكات التي تجعل الحياة لا تطاق بالنسبة لكثيرين جداً من المهاجرين.
ويتعين على الدول أن تعزز حكم القانون في التعامل مع المهاجرين وحمايتهم. فهذا يفيد اقتصادياتها، ومجتمعاتها، والمهاجرين أنفسهم.
وسلطات الدول التي تضع عوائق كبرى أمام الهجرة – أو تفرض قيوداً صارمة على توظيف المهاجرين – إنما تلحق بنفسها ضرراً غير لازم. والأسوأ من ذلك هو إن مثل هذه الدول تشجع الهجرة غير الشرعية. وهذا لا يضع المهاجرين في أوضاع تعرضهم لأخطار فحسب، بل يقوّض أيضاً سلطة الحكومات ذاتها.
إن الهجرة لهي ظاهرة تمسّ جميع أولوياتنا الجماعية، من السعي لتحقيق أهداف تنمية مستدامة إلى حماية السلام العالمي وحقوق الإنسان لجميع البشر.
وأنا أحثّ جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على أن تشارك بنشاط وإيجابية في المفاوضات الدولية المقبلة. وأنا أحثّكم على العمل من أجل تبني حلول لمشكلات الهجرة في المؤتمر الدولي المقرر عقده في المغرب في وقت لاحق من العام الحالي.
وأنا جاهز لتقديم الدعم بأفضل ما يمكنني.
*سكرتير عام الأمم المتحدة – موقع وكالة «إنتر برس سرفيس» ( آي بي إس )