قضايا ودراسات

جولة ترامب الآسيوية

فيصل عابدون

تمثل أزمة البرنامج النووي لكوريا الشمالية وقضية التجارة ونزاعات البحر الجنوبي، العناوين الرئيسية لجولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخارجية الثانية التي تشمل اليابان وكوريا الجنوبية والصين والفلبين. وتختلف كل قضية من القضايا الثلاث في مدى حساسيتها وأهميتها بالنسبة لسيد البيت الأبيض وقادة الدول الحليفة أو القيادة الصينية التي تمثل العامل المشترك في الموضوعات الثلاثة، وهو اختلاف تحكمه المصالح القومية وتوازنات القوى وتناسب القدرة على فرض الشروط أو إبداء المرونة.
وبشكل عام، فإن المخاطر المميتة للبرنامج النووي لكوريا الشمالية تشكل القضية الأكثر حساسية وإلحاحاً بالنسبة لليابان وكوريا الجنوبية كونهما تقعان في مرمى الاستهداف المباشر. ومن الطبيعي أن تتوقع قيادتا الدولتين الحصول على تعهدات وتطمينات إضافية بتوثيق العلاقات والصلات الدفاعية والمزيد من إجراءات الحماية من الخطر القريب. لكن هذه القضية قد لا تكون بذات الأهمية بالنسبة للرئيس الأمريكي الذي يبدي قلقاً جدياً إزاء المنافسة الاقتصادية مع الصين ومساعيها للسيطرة على ممرات التجارة في البحر الجنوبي.
وفي مستهل جولته إلى المنطقة أصدر ترامب مؤشرات إلى أنه قد يتجه في نهاية الأمر إلى تجميد الأزمة مع كوريا الشمالية على عكس ما يتوقعه الحلفاء. ففي طوكيو وحتى قبل مغادرته الأراضي الأمريكية كانت تصريحاته تتسم بالخشونة ولهجة التهديد والوعيد ووصف زعيم الدولة الشيوعية بأنه «تهديد للعالم المتحضر وللسلم والاستقرار الدوليين»، وأكد نفاد صبر الولايات المتحدة واقترابها من استخدام الخيار العسكري.
لكن تلك اللهجة تبدلت بشكل مفاجئ في سيول، المحطة الثانية من جولته الآسيوية. فقد أكد بلهجة تصالحية استعداده للتفاوض مع كوريا الشمالية، ودعا بيونج يانج إلى طاولة المفاوضات بهدف إبرام اتفاق جيد يعود بالفائدة على شعبها خاصة، والعالم بأسره. وقال إنه يرى تقدماً ملحوظاً في التعامل مع كوريا الشمالية.
ويثير التبدل السريع في الموقف من التهديد النووي افتراضات عديدة. أولها أن ترامب ومنذ البداية لم يأخذ التهديد على محمل الجد ويعتبر أن هناك قضايا أشد أهمية بالنسبة للمصالح الأمريكية في المنطقة. وثانيها أن ترامب ربما قرر في لحظة حاسمة الاستجابة لنصيحة وزير الخارجية السابق جون كيري ب«عدم تغذية مخاوف» كوريا الشمالية من تغيير النظام فيها بالقوة، والشروع في الحوار مع بيونج يانج. لأن اللهجة العدائية والتهديد بالقوة يمنح حوافز أقوى للنظام الشيوعي لإكمال برنامجه النووي الذي يوفر له الحماية وقوة الردع.
أما ثالث الافتراضات فتقول إن ترامب يريد أن يجمد هذا الملف ويذهب مباشرة إلى مفاوضاته التجارية مع الصين من أجل تجديد الاتفاقات الثنائية وتوكيل القيادة الصينية مهمة السيطرة على جموح حليفها الصغير.

Shiraz982003@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى