قضايا ودراسات

حاصل جمع الضعفاء

خيري منصور
في ستينات القرن الماضي يوم كان العزف صاخباً على الوتر القومي ظهرت دعوات متباعدة وعلى قدر من الخجل والتحفظ تتلخص في أن الدولة العربية إذا استكملت بناءها ونموها فإن ذلك سيصب في حصيلة الوحدة؛ لأن حاصل جمع الأرقام ليس كحاصل جمع الأصفار، وبمرور الوقت اتضح أن استكمال الدولة لمقوماتها هو لبنة صلبة وليست هشة في المدماك أو الجدار الذي تلتئم فيه الأقطار العربية في سياق وحدوي على اختلاف الصيغ، وما إن هبت الأعاصير ومنها تسونامي عام 2011 الذي أطلق عليه اسم مستعار من التاريخ الأوروبي في القرن التاسع عشر وهو «الربيع العربي» حتى أصبحت بعض الدول في مهب الأعاصير التي تهدد بالتفكيك والتشظية؛ بحيث تتحول الدولة الواحدة إلى كسور عشرية طائفية وعرقية وجهوية.
وبالفعل شهدت الدولة العربية الحدثية اختباراً عسيراً لمدى صلابتها وتماسك مقوماتها.
وهناك دول نجت؛ لكنها لم تسلم من أزمات اقتصادية وسياسية.
وكانت المفارقة أن مئوية سايكس – بيكو شهدت احتفالاً من طراز خاص وهو أقرب إلى الحفلة التنكرية، فمن لم يكفوا عن هجاء وإدانة تلك الاتفاقية لمدة قرن أصبحوا يدافعون عنها وعن استمرارها سواء أدركوا ذلك أم لم يدركوه؛ لأن تلك المعاهدة اقتصرت على هذا الرقم الذي يتشكل من حاصل جمع الأقطار العربية الممثلة في الجامعة العربية!
ومن راهنوا على ما سمي في الأدبيات الماركسية الحتمية التاريخية فوجئوا بما سماه الفيلسوف الألماني هيجل مكر التاريخ؛ لأن رياحه تهب أحياناً على غير ما تشتهي السفن.
إن استكمال الدولة العربية المعاصرة لأقانيهما ومجمل مكوناتها لا يتناقض في نهاية المطاف مع أي مشروع وحدوي، خصوصاً بعد أن غادر مفهوم الوحدة ذلك التعريف الرومانسي أو ما يسميه البعض النشيدي.
ومن أهداف الموجات الإرهابية التي تتعاقب على العالم العربي، وتبدو أحياناً كما لو أنها أقرب إلى الأواني المستطرقة تفكيك الدول والتسلل إليها من الخاصرة الرخوة أو أي فراغ يتيح ذلك.
والمعادلة باختصار هي أن حاصل جمع الأقوياء أهم بكثير من حاصل جمع الضعفاء!Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى