مقالات عامة

حدود الابتكار في الصين

آدم مينتر*

ترفع أكبر الشركات التكنولوجية في الصين شعارات وطنية، فحينما تقرر الحكومة في مسألة أولوية، فإنها تحصل على المساعدة فوراً من شركات التقنية الكبرى مثل «علي بابا» و«تنسنت هولدنجز» و«بايدو» وغيرها لتسهيل تنفيذ ما قررته الحكومة، وهي بالتالي محمية ضد الانتقادات العامة التي تطالها، بيد أن ذلك التوجه يضر في العديد من المراحل بعملياتها التجارية.
وعلى الرغم من حالة شبه انصياع كبرى الشركات للسلطات في الصين، فإن ما حدث قبل فترة وجيزة يشير إلى أن تلك العلاقة لتي تبدو ظاهرياً وثيقة، هي في الحقيقة مرتبكة جداً، حيث قام البنك المركزي الصيني باتخاذ خطوة تجاه شركة تنسنت من خلال إغلاق إحدى الوكالات التابعة لها بعد يوم واحد من إطلاقها، وهو القرار الذي كان مفاجئاً للكثيرين بمن فيهم الشركة نفسها، إذ إن المشروع الذي تم إطلاقه والمتمثل في شركة مالية تعمل بمجال التسهيلات الائتمانية، صادقت عليه الحكومة في العام 2015 بل إنها شجعت الشركة على المضي فيه قدما، وهو ما يمثل إشارة واضحة عما يمكن ابتكاره في الصين وما لا يمكن للقطاع الخاص المضي قدماً فيه.
وطالما كان اقتراض الأموال من البنوك مسألة سهلة جداً بالنسبة للشركات الحكومية في الصين، بينما تواجه الشركات الأخرى الصغيرة والمتوسطة والناشئة بل والمؤسسات الخاصة الكبرى، الكثير من الصعوبات في سبيل الحصول على مثل تلك القروض والتسهيلات، ونتيجة لذلك، لجأ الكثير منها إلى مؤسسات الظل المالية للحصول على الأموال. وفي محاولتها حل تلك المشكلة، قامت الحكومة الصينية منذ العام 2014 باقتراح لوضع نظام ائتمان اجتماعي يجمع بين المؤسسات المالية والبيانات الاجتماعية في نظام واحد، وهو ما يمثل قاعدة بيانات كبيرة تسهل من الإجراءات الطويلة لعملية الحصول على تسهيلات ائتمانية، بيد أن الفكرة لم يتم تنفيذها بسبب الكثير من العقبات التي واجهتها.
وبفضل الانتشار الواسع للهواتف الذكية في الصين، فإن قطاع التجارة الإلكترونية يعتبر من القطاعات المسيطرة فيها، علاوة على أن انتشارها عزز من اتساع رقعة استخدام وسائل الاجتماعي، وسهل أيضا المشروعات الناشئة التي تعمل في الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من كل ذلك، فإن الكثير من الشركات العامة والخاصة لا يمكنها تخطي حدود معينة في مجالات الابتكار، نتيجة للتعقيدات السياسية الكثيرة في الدولة التي تؤثر بدورها في جميع المجالات، حيث يبدو الأمر كأنه سقف زجاجي لا يظهر إلا عند الاقتراب منه، بيد أن تسارع وتيرة التطور والنمو يدفع كل يوم بذلك السقف الزجاجي إلى الأعلى.

*بلومبيرج

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى