قضايا ودراسات

حركة سلمية ضد حرب الطائرات الآلية

ميديا بنجامين
تبلغ الميزانية العسكرية للولايات المتحدة 600 مليار دولار، أي 54 % من جميع التمويلات الحكومية. لا عجب إذاً أنه ليست لدينا أموال لمعالجة أزمة التغير المناخي، وإعادة بناء أنظمة المواصلات، وإقرار نظام رعاية صحية للجميع، وتوفير التعليم المجاني الذي يستحقه جميع شبان بلدنا.
بلغت «حركة السلام» ذروة قوتها أثناء التظاهرات، التي حاولت منع الرئيس جورج بوش من شن حرب على العراق. وعلى الصعيد الدولي، شاركنا في يوم الاحتجاج العالمي في 15 فبراير/شباط 2003، الذي دخل موسوعة «جينيس» باعتباره شهد أضخم تظاهرة في التاريخ. وبلغت حركتنا السلمية درجة من النشاط جعلت صحيفة «نيويورك تايمز»، تصف الرأي العام العالمي بأنه «القوة العظمى الثانية».
وعندما انتخب باراك أوباما رئيساً، كانت الحركة المعارضة للحرب أول ضحية لرئاسته. فقد انسحب كثيرون من «حركة السلام»؛ لأسباب متنوعة؛ لكن السبب الرئيسي كان أن العديد من الناس اعتقدوا أن أوباما سوف ينهي نزعة المغامرة العسكرية الأمريكية.
وقد حقق أوباما بعض المكاسب الكبرى للدبلوماسية؛ لكنه شن حرباً على ليبيا، وأطلق نوعاً جديداً وخطراً من القتل بواسطة التحكم عن بعد، وهي حرب الطائرات بلا طيار.
والطائرات بلا طيار، صممت من أجل قتل أعداء بتصويب دقيق، دون تعريض جنود أمريكيين لمخاطر؛ لكن هذه الطائرات قتلت العديد من الناس الأبرياء، وأثارت مشاعر عداء لأمريكا، وغذت دورة عنف لامتناهية. وهذه الطائرات مكنت الجيش الأمريكي ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي إيه» من التدخل عسكرياً بسهولة، حتى في بلدان لم نكن في حالة حرب معها. وعمليات الطائرات بلا طيار تنفذ بصورة سرية، ودون موافقة الكونجرس، في حين أن المسؤولين الحكوميين أخذوا يكذبون على الرأي العام بشأن فاعلية ودقة تصويب ضربات الطائرات بلا طيار. وقد شعرنا بالفزع عندما أظهر استطلاع للرأي في عام 2012 أن أغلبية ساحقة من الأمريكيين بلغت 83% أيدت قتل «المشتبه بأنهم من الإرهابيين» بواسطة الطائرات بلا طيار.
كيف كان من الممكن أن يعتقد هذا العدد الكبير من الأمريكيين بأن لدينا الحق في قتل أناس على بعد آلاف الكيلومترات دون أن توجه إليهم أي اتهامات قضائية، أو يحاكمون، أو يدانون بأي شيء؟. وكان أول رد فعل لنا هو «كيف يمكننا تغيير الرأي العام بحيث يمكننا تغيير هذه السياسة الحكومية؟». كنا نعرف أننا لن نستطيع تعبئة حركة شعبية بضخامة الحركة ضد حرب العراق؛ لكننا كنا على ثقة من أن مجموعة صغيرة من نشطاء ملتزمين يمكنها المساهمة في تحريك الرأي العام، وبالتالي التأثير في سياسة الحكومة.
وهكذا شرعت منظمتنا «كود بينك» في العمل مع منظمات سلمية أخرى، مثل: «محاربون قدماء من أجل السلام» و«أصوات من أجل لاعنف فاعل»، من أجل تثقيف الرأي العام بشأن أهوال حرب الطائرات بلا طيار. وقد نظمنا مؤتمرات عبر البلاد، ونشرنا كتباً وتقارير وتعليقات، وألقينا كلمات في الجامعات، والكنائس، والأندية وأماكن أخرى. كما نظمنا تظاهرات احتجاج أمام البيت الأبيض، ومقر ال «سي آي إيه»، والبنتاجون، والكونجرس، ومصانع وبيوت صانعي الطائرات بلا طيار.
وكان العصيان المدني عنصراً رئيسياً في حركتنا. والمقاومة الأكثر نشاطاً نظمناها أمام القواعد العسكرية الأمريكية؛ حيث كانت توجد مراكز توجيه الطائرات بلا طيار. واعتقلت السلطات مئات من نشطائنا. وقد وسعنا نطاق حملتنا من خلال إرسال وفود للاتصال بعائلات ضحايا ضربات الطائرات بلا طيار في بلدان، مثل: أفغانستان وباكستان. كما نسقنا جهودنا مع حركات سلمية في أوروبا وبلدان أخرى.
وحملاتنا التثقيفية، وتظاهراتنا، وأعمالنا لم تشكل أبداً حركة جماهيرية، ولم تنجح في إنهاء حرب الطائرات بلا طيار؛ لكنها كانت ذات تأثير كبير بين الرأي العام وعلى السياسات الحكومية. وقد مارسنا ضغطاً على إدارة الرئيس أوباما، التي وعدت بالحد من ضربات الطائرات بلا طيار، والعمل على تقليل أعداد الضحايا المدنيين.
منذ اعتداءات سبتمبر/أيلول 2001، كانت «حركة السلام» تمر في مراحل توسع وانحسار. ونحن مصممون على العمل من أجل توسيع نطاق حركتنا داخل الولايات المتحدة، وعبر العالم. ونحن نعد الحراك السلمي أساسياً؛ من أجل بناء عالم أكثر مسالمة.

* ناشطة سلمية أمريكية – موقع «كاونتر بانش»المقدمة:


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى