قضايا ودراسات

حقبة جديدة في ليبيا

لم تكن الصور للقاء التاريخي الذي جمع قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وحديثهما عن خريطة طريق من 10 نقاط، تخرج ليبيا من أزمتها الراهنة، لتغادر أذهان المراقبين حتى صدرت إشارات جديدة هزت حالة التفاؤل التي سادت أوساط الليبيين والمراقبين للأوضاع في البلاد، عندما دعا حفتر رئيس حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، إلى الابتعاد عما أسماها «التصريحات العنترية»، قائلاً إن الأخير لا يسيطر على العاصمة طرابلس، التي هي «ملك لكل الليبيين».
مثل هذه التصريحات تبدد ولا شك، موجة الآمال التي سادت قبل وبعد اللقاء الذي ضم الجانبين في باريس برعاية فرنسية، في مسعى لإقناع الطرفين للوصول إلى تسوية تعيد ليبيا إلى مسار التسوية السياسية، وتنزع فتيل الحروب والأزمات، خاصة وأن إنجازات تحققت على الأرض خلال الأشهر القليلة، وبالذات ما يتعلق بالحرب على الإرهاب، وطرد التنظيمات المتطرفة من بعض الأراضي الليبية، وبالذات من مدينتي درنة وبنغازي وغيرهما.
حديث حفتر عن أن السراج لا يملك العاصمة طرابلس باعتبارها عاصمة كل الليبيين، يمكن فهمه في سياق أن العاصمة هي لكل الليبيين، وأن ذلك يأتي في إطار صنع تفاهمات تؤسس لتسويات في إطار معطيات جديدة، فرضت نفسها على الأرض، والتي دفعت بالمشير حفتر إلى الواجهة العسكرية والسياسية في البلاد، وتحول معها إلى عامل من عوامل الاستقرار.
بدا حفتر متماهياً مع فكرة أن ليبيا في طريقها للتعافي، خاصة بعدما تمكنت من تطهير الكثير من الأراضي التي كانت تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية والميليشيات القبلية، وحاول نفي التسريبات التي تتحدث عن رغبته في تولي رئاسة ليبيا مستقبلاً، كما نفى أن يكون قد عرض عليه السراج منصب الرئاسة، قائلاً إن الأخير لم يعرض عليه ذلك، وأن الاثنين لا يفكران في هذا الأمر الآن، بل ينصب تفكيرهما على نقل ليبيا من دولة فاشلة إلى دولة حقيقية، يعترف بها العالم.
مع ذلك فإن الأوساط الليبية على مختلف مشاربها رحبت بخطوة جمع الرجلين في باريس، وهناك ترحيب بنتائج لقائهما، لأنه مثّل خطوة على طريق حل الأزمة الليبية، والخروج من عنق الزجاجة، وتخطي المرحلة الانتقالية.
الأهم لا يكمن في اللقاء، بل في الشروع في تنفيذ البنود الواردة في خريطة الطريق التي تم الاتفاق بشأنها، حيث اعتبرت النقاط الواردة في الخارطة، التي تشمل وقف الاقتتال والتسريع بإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن، إطاراً لاتفاق سياسي أوسع يعيد الليبيين إلى طاولة الحوار، ويتم استبعاد حل الأزمة عسكرياً، وربما يكون ذلك أحد الأسباب التي دفعت حفتر إلى الترحيب بأن يلعب سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الراحل معمر القذافي، دوراً سياسياً في مستقبل ليبيا، إذا أراد، وإذا ما تحقق ذلك فإنه يمكن القول إن حقبة جديدة في ليبيا قد بدأت.

صادق ناشر
Sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى