قضايا ودراسات

حين لا تجدي المكابرة

عبدالله الهدية الشحي
حين اعترفت القيادة العسكرية الألمانية بهزيمتها في الحرب العالمية الثانية لم تكابر ولم تساوم ولم تقل عندما تمت صياغة وثيقة الاستسلام وحينما وقعت عليها بأن ما جاء في هذه الوثيقة من بنود وشروط تنتقص من سيادتها بل إنها لم تراوغ أو تماطل من أجل أن تواصل العيش في وهم المكابرة ولم تخدع شعبها لتسوق له الضلال وتسوق على رأسه المزيد من الويلات والقطيعة مع جيرانه المحيطين به ومع العالم المتطلع لرؤى السلام. والحال ذاته بكل سياقه وقياسه ينطبق على اليابان سواء من حيث التوقيع على الاستسلام أو بإعلان الإمبراطور هيروهيتو الإذاعي الخاص بالاستسلام للحلفاء بلا قيد أو شرط حين قال: «لا يهمني ما سيحدث لي شخصياً لكنني أريد النجاة لجميع رعاياي». ولما أضاف «أنه يتقبل شروط المنتصرين من أجل إنقاذ الحضارة البشرية من الدمار التام» فهو لم يذكر في خطابه الموجه لشعبه ولا كلمة واحدة عن هزيمة اليابان عسكرياً.
الحديث عن هاتين الحالتين يدعو إلى الاستغراب من موقف الحكومة القطرية وتعنتها تجاه العودة لطريق الرشد ومسار الحكمة ونهج احترام خصوصيات الآخرين، كما يدعو إلى الحيرة من ردها غير المبرر تجاه شروط الدول المقاطعة لها التي عانت من سياستها الخاطئة ومكائدها ودسائسها ما عانت طوال عقدين من الزمن، هذا غير عبثها بمقدرات الشعب العربي وقيامها ومساهمتها عبر قناة الجزيرة في تأجيج الصراع بين أبناء الأمة الواحدة والتحريض على الخروج على ولاة الأمر من أجل هدم الحضارة العربية من الماء إلى الماء بمعاول الغيرة الخانقة والحقد الدفين والفوضى العمياء والصورة المزيفة والخبر المقولب المرتكز على مبدأ الفرقة وتأجيج الصراع وعبر تحالفها ودعمها وتبنيها لدعاة الفتن وللفرق الدينية الضالة من جماعة الإخوان المسلمين ومن سار على نهجهم التخريبي من الجماعات والميليشيات والأحزاب المؤتمرة بأمرها وأمر القوى الإقليمية التي ارتمت بحضن الشر، والتي تريد السوء بالعرب وتتمنى دمارهم والقضاء على حضارتهم الممتدة امتداد التاريخ والعبث بإرثهم الإنساني أينما كانوا، وهي تعلم وأعني هنا الحكومة القطرية علم اليقين منذ البدء أنها تقوم بدور ليس باستطاعتها أن تحقق من خلاله كما تشاء مأربها التدميري وغايتها الشيطانية، عن طريق لعب دور النفاق وامتهان الرشوة واتخاذ التقية منهجاً في عالم السياسة تحت مبدأ الحصول على الممكن البعيد عن القيم والمتنافي مع الأخلاق المؤسساتية والمبادئ الدولية.
فكيف بها وقد أدركت الآن رغم مكابرتها حجمها الطبيعي، وكيف بها وقد كشف المستور وبانت الحقائق وتعرى واقعها الدموي والتخريبي واتحد العالم كل العالم المحب للسلام على تحدي وجهها الإرهابي، وعلى مواجهة الإرهاب الذي ترعاه أينما كان، وليس أدل على ذلك سبحان ربي من دليل واضح كالذي تثبته الانتصارات السريعة والمتواصلة التي تحققها الشرعية بدعم من التحالف العربي المبارك على الفئات الضالة، ومن انتصارات القوى الوطنية المخلصة هنا وهناك على مجاميع الطغيان بعد قطع الدعم والتموين القطري عنها، وبعد كشف أوراق المشروع الإيراني الخبيث الساعي إلى تقطيع أوصال الوطن العربي والسعي لاحتلال المقدسات الإسلامية عبر الحرب بالوكالة عنها من قبل من يدعي العروبة وهو يطعن العروبة بخنجره السام فكراً وبسيفه المسلط على أبناء جلدته لا لشيء سوى كونه ذنباً لإيران يأتمر بأمرها، أو خادماً لمرشده الذي اغتال حريته وإنسانيته، طبعاً يحدث كل هذا ، ومازالت حكومة قطر تكابر وتصر على موقفها المريب وعلى تبنيها للإرهاب رغم انكشاف المستور وهزيمتها في الساحات السياسية والمنابر الدولية المنوط بها السلم العالمي، ورغم كسر أذرعها الإرهابية وشل حركة أموالها العابرة للقارات بهدف القتل والتدمير، ورغم علمها بأن ابن العلقمي لم ينل من هولاكو بعد أن سلمه بغداد ما تمنى وخطط له، فهل ستنال قطر بخيانتها لأمتها من الفرس والأتراك ما تتمنى؟

aaa_alhadiya@hotmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى