خطر نزاع نووي في آسيا
كون هالينان*
«مالابار 17» هو الاسم الذي أطلق على مناورات عسكرية كبيرة أجرتها حديثاً قوات بحرية وجوية أمريكية ويابانية وهندية في المحيط الهندي من أجل التدرب على إغلاق ممر مائي يمر عبره 80% من إمدادات الطاقة التي تحتاجها الصين. وشملت المناورات أيضاً إغلاق المحيط الهندي أمام الغواصات الصينية.
وإذا كانت أزمة كوريا تثير خوفكم وتؤرق نومكم، فتصوروا ماذا يمكن أن يحدث نتيجة لحرمان ثاني أكبر اقتصاد في العالم من الطاقة.
والمسألة الكورية تشكل حالياً الأزمة الأكثر حدة في آسيا، ولكن المناورات الدبلوماسية خلف مناورات «مالابار 17» قد تكون أكثر خطورة على المدى البعيد. إذ إن هذه المناورات تزيد إمكانية حدوث مواجهة بين الصين من جهة، والولايات المتحدة والهند من الجهة الأخرى، كما إنها تثير احتمال مواجهة بين الهند وباكستان، وهما بلدان مسلحان نووياً خاضا ثلاثة حروب خلال السنوات الـ 70 الماضية.
والقصة بدأت قبل أكثر من عقد ونصف، عندما دعا مساعد وزير الدفاع الأمريكي دوجلاس فيث – أحد أكثر صقور إدارة جورج بوش تشدداً – إلى عقد اجتماع بين مسؤولي وزارته والحكومة الهندية في مايو/أيار 2002.
والهند، إحدى الدول المؤسسة لحركة عدم الانحياز، كانت دائماً تتجنب الانجرار إلى الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. ولكن إدارة بوش كان لديها مخطط لجرّ الهند إلى تحالف يستهدف احتواء الصين.
ومنذ أن تولت إدارة بوش السلطة في 2001، بادرت فوراً إلى تغيير وضع الصين من «شريك إستراتيجي» إلى «منافس إستراتيجي». وفي الوقت ذاته، استأنفت تصدير أسلحة إلى الهند وسهلت حصولها على اليورانيوم اللازم لصنع الأسلحة النووية.
وفي حينه، حذرت باكستان من أن هذه السياسة الأمريكية ستشعل سباق تسلح نووياً في آسيا، وهو ما حدث بالفعل. واليوم، تعمل كل من الهند وباكستان لتعزيز ترسانتيهما النوويتين، وكذلك الصين، وطبعاً كوريا الشمالية.
وفي 2016، أعلنت إدارة أوباما الهند «شريكاً دفاعياً رئيسياً»، كما جعلت اليابان شريكاً في مناورات «مالابار» العسكرية السنوية، وبدأت تدريب طيارين هنود على خوض «حرب جوية معقدة». والآن، أخذت التوترات بين الهند وباكستان تحتدم أكثر إثر قرار واشنطن الأخير بإرسال قوات إضافية إلى أفغانستان وتشجيع الهند على أن ترسل هي أيضاً قوات إلى أفغانستان – ما سيجعل باكستان مطوقة من قبل قوات هندية في الشمال والجنوب. وحتى الآن، لا تزال الهند ترفض هذا الطلب الأمريكي.
ولكن خطر نزاع بين الهند وباكستان يبقى قائماً. إذ إن حكومة رئيس الوزراء الهندي ناراندرا مودي تبنت استراتيجية عسكرية جديدة أطلقت عليها اسم «بداية باردة»، وتقضي بالسماح للجيش الهندي بأن يهاجم ويطارد «إرهابيين» حتى مسافة 30 كلم داخل أراضي باكستان. ولكن الخطر يكمن في أن باكستان قد تفسر عملية «بداية باردة» بشكل مختلف عما تتوقعه الهند، ما قد يدفعها إلى استخدام أسلحة نووية تكتيكية (من قذائف مدفعية وألغام وما إلى ذلك). وحيث إن الهند لا تملك مثل هذه الأسلحة، فسوف تكون أمام أحد خيارين: إما أن تستخدم أسلحة نووية استراتيجية، وإما أن تقبل الهزيمة. وحيث إنه من المستبعد أن تقبل الهند الهزيمة، فإن الحرب يمكن أن تتصاعد بسرعة إلى تراشق نووي شامل مدمر.
ومهما تكن الأزمة الكورية مخيفة، فإن حرباً نووية بين الهند وباكستان ستكون وبالاً مروعاً على العالم.
*كاتب ومعلق صحفي – موقع «زي نت»