قضايا ودراسات

خلافة أم خرافة؟

خيري منصور

كالفارق الجوهري والجذري بين المقدس والمدنس، والصالح والطالح، جاء استخدام مفردة الخلافة في أيامنا ليمحو الفارق بينها وبين الخرافة. وإذا صح أن التاريخ لا يتكرر إلا بإحدى صورتين هما المأساة والملهاة فإن من أعلنوا الخلافة كانت حصتهم من التاريخ هي الملهاة، لكنها سوداء، لا تُبكي ولا تُضحك، وكل ما تثيره في النفس هو الغثيان، لكن هل بمقدور أي كائن مهما بلغ من براعة التلفيق وتزوير الوقائع أن يحذف الفارق بين الأضداد؟ بحيث تصبح الخلافة في الألفية الثالثة مرادفاً للخرافة؟
إن الأخطر من أية جريمة هو الفقه الذي يبررها ويبشر بها، وينتظر الثواب لا العقاب!
ومجمل الأدبيات والقرائن والأفعال التي صاحبت أطروحة الخلافة «الداعشية» تجزم بأن ما سمي في التاريخ الشَّر المطلق أو المحض قد وقع بالفعل؛ لأن جرائم الإرهاب نتاج كيمياء عجيبة صهرت العدوانية والسادية والعمى الأيديولوجي في بوتقة واحدة.
لهذا لا بد أن تكون للمقاربة السايكولوجية حصتها في تفكيك ظاهرة الإرهاب لأن العقل مصاب في مقتل، وسبيل العودة غير متاح لمن أدمنوا الذبح والتلذذ بقطع الرقاب واستمراء رائحة الدم الآدمي كالضباع!
ما أعلن وصدقه المصابون في صميم الوعي لم يكن خلافة، بل هو خرافة بامتياز، وما يقوله التحليل النفسي عن مثل هذه الحالات هو باختصار أن الفارق بين إمبراطور حقيقي وبين مجنون يقبض على الصولجان هو أن الأول يشاركه ملايين الناس اعتقاده بينما لا يشاطر الثاني أوهامه وأحلام يقظته غير قلة من المجانين.
إن كل ما ورد من هذيان تحت عنوان الخلافة وإعلانها في مسجد موصلي تحول إلى أطلال هو محض خرافة.
لهذا كانت النهاية انتحاراً مزدوجاً ضحيتاه.. الجسد والعقل معاً!

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى