قضايا ودراسات

دراسة تفكير الناس

شيماء المرزوقي

في عالم اليوم تنتشر مناهج دراسية تعليمية تهتم بالفكر، بل وظيفتها وهمّها هو الإلمام بطرق الفكر وآلياته وكيف ينبع وينتشر. ونظراً للاهتمام بهذا المجال، تعددت الدراسات وانقسمت إلى عدة مناهج ومجالات علمية. لن أذهب بعيداً، أستحضر كلمات للدكتور تيم باين، وهو أستاذ الفلسفة في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة مانشستر، حيث قال: «تقوم دراسة الفكر على عدد من الاختصاصات، يتولى الفلاسفة استكشاف بنية الفكر المنطقية والعقلانية بين الأفكار وظواهر عقلية أخرى، مثل الحالات الإدراكية والأحاسيس الجسدية، أما علماء النفس فيدرسون العمليات التي تسند قدرتنا على التفكير وأساليب تعطيل هذه العمليات، ويعكف علماء الأعصاب على معاينة الآلية العصبية للتفكير، ويهتم علماء الجنس البشري بالتدقيق في التنوع الثقافي لأنماط التفكير، أما اللغويون فيبادرون إلى معاينة العلاقة بين الفكر واللغة، في حين يركز علماء السلوك (الحيواني) المعرفي على دراسة الفكر في الأجناس غير البشرية، ويتوجه الباحثون الذين يعملون في علم الحاسوب والذكاء الاصطناعي نحو طرق إمكانية تحقيق التفكير بواسطة أجهزة غير حيوية».
وكما يظهر، فإن هذه المجالات العلمية والتي تشترك في دراسة محور واحد ومجال واحد وهو تفكير الإنسان، لم تأتِ من فراغ أو دون أن يكون لها أهمية بالغة وقصوى. وهذا الاهتمام بدأ مبكراً، حتى بات اليوم له إرث علمي كبير ونظريات وبحوث متعددة، ولكن السؤال الذي أطرحه في هذا السياق: أين نحن من هذا المجال تحديداً؟ فإذا كان عالمنا العربي برمته اتفق على حيوية وأهمية الدراسات العلمية في مجالات الطب والفيزياء والكيمياء والأحياء والفضاء والفلك، فهل نظرتنا للعلوم الإنسانية مثل الاجتماع والنفس والتربية وغيرها منصفة ومطابقة لوعينا واهتمامنا بالطب ونحوه؟ العلوم الإنسانية وظائفها حيوية وهامة لنا جميعاً لدرجة كبيرة جداً، وتعتبر دراسات الفكر والتفكير والفكرة من اختصاصها ومنهاجها، لذا أعتقد أن على العلماء في هذه المجالات العلمية الإنسانية دوراً حيوياً يجب القيام به يتعلق بالخروج بهذه العلوم نحو حاجة الناس. نحتاج من العلوم الإنسانية أن تتقاطع وتتماس مع حاجة المجتمعات بشكل واضح ودائم، وتدرس همومهم وتطلعاتهم وطرق النجاح والإخفاق وأسباب السعادة واليأس والإحباط، عندها أتوقع أن تكون هذه العلوم الإنسانية في درجة أعلى وأعظم من أي علم آخر.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى